الجمعة , نوفمبر 22 2024

العميد مجدي بشارة:” هاجمتنا الضفادع البشرية واطلقت اسرائيل علينا الفوسفور فأتخذت قراراً خطيراً وأبكينا غولدامائير!!”

الحلقة الثالثة والاخيرة

حوار/ ابتسام غنيم(من الارشيف)

ارسل قائد الجيش اشاره الى الجميع يطلب فيها اليقظه والاستعداد، فهناك موقع سيتم مهاجمته الليله وفي اغلب الظن سيكون موقع “الجزيره الخضراء” وكلفني ان اتوجه بنفسي الى #الجزيرة وأن اقوم بأستكمال احتياجات الموقع وسد العجز من ذخيرة وافراد، و كان لي تفكيري الخاص وحللت الموقف كالاتي:” اللي حيهاجم الجزير اكيد كوماندوز واكيد حيستخدموا ضفادع بشريه وكل اللي عندي في الموقع بعد الاجازات والمأموريات حوالي خمسين – ستين واحد، فقلت ازاي موقع كل اللي فيه خمسين ستين يصد هجوم 500 او 600 واحد والناس اللي عندي في الجزيرة مش مدربين على القتال لان وظيفتها الدفاع الجوي؟”، ولذلك كان لابد لي من ان اتخذ اجراءات تحسن موقف الجزيره الدفاعي، وهداني تفكيري الي تدعيم الجزيرة من التشكيل من الخمس سرايا  الموجوده تحت قيادتي في السويس، فاخذت من تلك السرايا  30  جندي من اكفاء الجنود الموجودين في كل موقع، وأصدرت اوامري بالتوجه الى  الجزيره لكي يساعدوا في المعركه، وكانوا مسلحون تسليحا يكفيهم عشرة ايام ، اما الخطوه الثانيه التي فكرت فيها من تحليلي لموقع الجزيرة ، ان الموقع  مرتفعا والمهاجم سيقترب بقوارب عن طريق المياه ، فقمت بتزويد الموقع بسلاح قواذف لهب ( سلاح عباره عن تنك وقود يحمله الجندي على ظهره الوقود عباره عن نابالم ومرتبط ببندقيه مثل البندقه الالية  وخرطوم، والجندي عندما يضرب الطلقه يسحب من التنك غاز النابالم فيخرج نار لمسافه 30 متر وتكون بمثابه نار جهنم )، وتوجهت  لقائد كتيبه مشاة وكان اسمه علي عبد الرحيم واخبرته بحاجتي لقواذف لهب فوافق وارسل مجموعه قواذف لهب حوالي 3 بالظباط و8 جنود ووزعتهم على الجزيرة في اماكن مختلفة، اما #الخطوه الثالثة طبقا لتحليلي للموقف فقد كانت انه من المتوقع ان يكون هجومهم ليلا، مما يعني انهم سيستخدموا  ضفادعا بشريه فاتصلت بالقاعدة البحرية بالظابط ملازم اول احمد ابراهيم وهو متخصصا في القاء عبوات ناسفة في المياه تنفجر فوق سطح المياه، ما يعني انه لو هناك ضفدعا بشريا في المياه فقوه الضغط تقتله على الفور، وفعلا احضرت ظابط ومجموعه جنود بحرية بالعبوات الناسفه، واشكر ربي حتى اللحظة الى انه اهداني الى كل تلك الافكار التي نفذتها حينذاك، وبعدها قررت ان اخطط لمواجهة الضفادع البشرية فأعطاني ربي الحكمة وذهبت الى القاعدة البحرية في السويس وقلت للظابط صلاح عن شكوكي فزودني بجنود يرمون القنابل بالماء حتى تموت الضفادع البشرية وهذا يكون اقسى رد على اسرائيل التي تكره الخسائر البشرية، فزودني بجماعة ضفادع بشرية بقيادة الملازم الاول رحمه الله(وهنا غص العميد وانهمرت دموعه) انا الذي دفعته للشهادة وكان اسمه الملازم اول بحري احمد ابراهيم، وكان الجميع جاهزا للعمل عند الساعة الرابعة ظهراً، ولم يعد بأستطاعتي تزويد الجزيرة بمزيد من العساكر الاشداء والذخائر وكان هذا اقصى ما يمكن ان افعله، وتمركزنا جميعنا هناك، وجلست في مركز القيادة اشد من ازر الظباط وارفع من معنوياتهم ونفكر اكثر بالتخطيط وكيفية مواجهة الجزيرة.

*كيف بدأ #الهجوم؟

– ما ان وضع ارميسترونغ قدمية على سطح القمر حتى ابلغني محمد عبد الحميد انه مشتبكا مع فردين ضفادع بشريه من الناحيه الشرقيه شمال الجزيره “لان دى اسهل منطقه يبداوا منها التسلق” ، فعندما رصدهم حرس الموقع  نادى الجندي المصري، حرس سلاح  وفتح النار عليهم فاردوهم قتلا في ثواني  ورصدوهم حتى سقطوا في المياه، والمعتاد فى مثل هذه العمليات ان الهجوم يكون صامتاً،” يعنى يدخلوا  الموقع يقتلوا الحرس او يخدروه بهدوء ويتخدوا مواقعا مثاليه ثم يهجموا علينا”،  لكن عندما تم قتل عناصر #الضفادع البشريه واتفتحت عليهم النيران من الجزيرة حولوا الهجوم الى هجوم صاخب وفتحوا كل نيرانهم على الموقع، واقاموا حصارا على الجزيرة لمنع مساعدات لنا، وبدأ الهجوم من جنوب الجزيرة بحوالي 200 متر تجاه الشمندورة ” وهي هيكل معدني عائم فوق سطح الماء ومتصل بجنزير بقاع الخليج بهدف ارشاد السفن الى المدخل الملاحي للقناه “،  فتسلل له الصهاينة ووضعوا عليها مدفعا متوسطا، وفتحوا النار على الموقع بكثافة، (لدرجه اننا حين أسرنا هذا الرشاش لاحقا وجدناه قطعا صغيرة) وبدأ بعدها الهجوم الرئيسي للاسرائليين من اتجاه الشمال فبدأت الضفادع البشريه في القاء  القنابل اليدويه والفسفوريه والحارقه (وهي ممنوع استخدامها دولياً) وتم استخدامها لاول مرة في معركة “الجزيرة الخضراء واستخدموها بعد ذلك في غزة” لكي يحدثو اكبر خسائر ماديه وبشريه في الموقع قبل ان يهبطوا على شاطئ الجزيرة، ثم توقف القاء القنابل الفوسفوريه قليلا وبدأت اللنشات المزودة بالمدافع تضرب بعنف ثم عبرت القوه الرئيسية بقوارب مطاطة وفي لنشات كبيرة حتى يبدأوا التسلق وتبداء معركتهم، وبداء القتال لكن للاسف نظرا للتفوق العددي والخبره القتاليه للعدو بدأوا يتسللوا لداخل الموقع، وأصيب قائد الموقع محمد عبد الحميد بـ 12 طلقه دفعه رشاش في الرجل والحوض وفقد الوعي لفتره وربط الجنود رجله لوقف النزيف، ووقف مرة اخرى يقاتل وظل يقاتل وهو مصابا حتى زاد النزيف واغمي عليه ووقع على الارض ثم بعدها بعشره دقائق بلغونى ان محمد سعيد اصيب ثم بعدها بخمس دقائق اصيب الملازم مصطفى ابو سديرة، والعساكر خاصتي بدأت الذخيره عندهم تنفذ والقوات الاسرائيليه بدأت تتسلق الموقع باعداد مهولة وهنا طلبت نجدة وقلت لهم:”انا مش هقدر اصد الهجوم ده وعندي خسائر كثيرة في المعدات انا محتاج نجدة واحنا استخدمنا كل الاسلحه المتاحه لكن الاعداد المهولة اللي بتهجم مش هيقدر ال 90 شخص اللي في الموقع يصدوهم وعندي ثلاث ظباط اصيبوا”، و بعدها بقليل بلغني ان الملازم اول محمد سعيد استشهد ثم بعدها بثلاث او اربع دقائق بلغني ان الملازم ايميل جرجس استشهد بعدها الملازم محمد ابراهيم الذي احضرته من البحريه لكي يساعدنا استشهد وبعدها بخمسه دقائق قالوا لي لاسلكيا انابو سديرة اصابته بالغه وان الجنود وضعوه بالدشمه ثم تلقيت اتصالا من احد الجنود بعد بثوان يقول لي فيه:” الحقونا الموقع هيقع عاوزين ناس بسرعه “، وهنا على الفور، بلغت قائد #الجيش الثالث عن طريق قائد فرقه الدفاع الجوي.

وقلت:”يافندم القوه اللي بتحاربنا كبيره جدا محتاجين دعم فقال لي انه ارسل لانش جاي في الطريق قلت تمام با فندم”، بعدها  بثلاث او اربع دقائق بلغته وقلت:” يا فندم مافيش حاجه وصلت”، فقال لي ان اللنش الذي ارسله بمجرد انه تحرك من ميدان الادبيه وفيه 40 رجل كانت الكارثة ان القوات البحريه الاسرائيليه المحاصرة الجزيرة شعرت باللانش فضربوه واغرقوه واستشهد كل من فيه، وكان هذا اول موقفا سيئا جدا اقابله في المعركه، فقوه النجده المتوجهه لتنجد الجزيرة ابيدت بالكامل لان البحريه الاسرائيلية حاصرتهم،. فأتصلت بقائد الجيش الثالث وقلت له:”  يا فندم  الموقع حيسقط لازم نجدة تأتي بسرعة”،فرد علي:” انا طلعت لنش والقوات الاسرائيليه ضربته وانا مش حقدر اطلع لانش تاني الموقع يحارب لاخر راجل واخر طلقة وربنا معاكم”، عندها قلت لمحمد عبد الحميد:” حارب لاخر راجل واخر طلقة وربنا معاك واناهحاول اطلعلك نجدة في اقرب وقت”، فقال لي انه اصيب ببطنه ولم يعد قادراً على التحرك(يغص العميد وتدمع عيناه ويقول)، وابلغني ان الموقع سيسقط وان القوات الاسرائيلية تسلقت ثلث المسافه واقتربت من القمه وستتحول المعركه الى معركه اباده لجنودنا، فقلت له انا سأتي بنفسي وكنت قد اتخذت قراراً خطيراً للغاية..

(ويضيف) :”عندما أحسست ان #الموقع سيضيع واني المسؤول كقائد الفوج كان يجب ان اتصرف فعندما جهزت 30 جندي لدعم للجزيره تطوع 150جندي وتصارعوا على الذهاب للجزيره ،وهذه هي #الروح التي كانت موجودة على الرغم انهم يعلمون ان الذاهب للجزيره في حكم الشهيد، وأستدعيت الملازم اول زهير وكان رئيس عمليات الفوج بالنيابه قلت له “جهزلي 30 او 40 جندي سأخدهم وساقودهم الى الجزيرة”،. كان لدينا لنش عدد 2 فقط يرسوان بصفه مستمره فى ميناء الادبيه يقودهما  مدنيان يعملان مع القوات المسلحه وانا ومنذ الظهر كنت متفقا مع رئيس اللنش لكي يجهز نفسه في اي وقت للابحار للجزيره واصطحبت 30 جندي بصعوبه ، لان الجميع يريد القتال  واخذتهم على مسؤليتى وكلمت قائد اللواء وقلت له اني متجهاً لدعم الجزيرة فقال لي:”   بلاش الموقف خطر” فقلت له:” لازم اطلع الجزيره الموقع هيسقط ده اخر كارت استعمله اناعارف اني قد لا اصل للجزيره واذا وصلنا حنموت لكن مفيش امامي غير كده”،(يبكي العميد مجدي بشارة ويعلق بغصة الابطال البواسل:”ساظل طوال حياتي عندما اذكر هذا الموقف ابكي على هؤلاء الرجال الذين لن يعوضوا ، ولا استطيع أن انسي إني اخترتهم للموت ولكن عزائي الوحيد إني كنت معهم ولكن ربنا اختارهم هم للشهاده”، (ويتابع)” أقلعت باللنشين انا والملازم اول زهير وبعد ما يقل عن 200 او 300 متر من تحركنا، اكتشفتنا البحريه الاسرائيليه على الرغم اني اعطيت الاوامر بالسير على سرعه بطيئه حتى لا تسمع البحريه الاسرائيليه صوت ورغم ذلك اكتشفونا لان لديهم رادارات واجهزه استشعارفبدأوا في مهاجمتنا بعنف وكانت النتيجه انه استشهد عدد 7 واصيب عددا اخرا وعلى الرغم من ذلك  اصريت على التقدم ورفضت الرجوع، أستمرينا في الابحار تحت #القصف البحري المعادي حتى اقتربنا  من الجزيرة،

وكانت المفأجاه او من المفارقات أننا فور اقترابنا من الجزيره بحوالي 60 او 70 متر بدأ موقع الجزيره يضرب علينا لانهم في حاله رعب واشتباك مستمر مع العدو وليس لديهم فكره عن وجود دعم في الطريق ولا اتصالات بالكابل البحري الذي انقطع واللاسلكي عليه شوشره وكانت النتيجه بكل اسف استشهاد عددا اخرا واصيب عددا كبيرا،كان صوتي مميزا لهم لاني كنت دائم التردد عليهم، وبدات اتكلم معهم بالميكرفون وانادي عليهم بالاسم، يا فلان يا فلان انا النقيب مجدي اوقف الضرب اوقف الضرب احنا مصريين  وبعد وقت توقف اطلاق النار علينا من قواتنا بالجزيرة وفي ثواني تم توزيعنا على الموقع وخلال دقيقه كنا جاهزون للقتال وبدانا القتال بالفعل بالقنابل المضيئه ودار الاشتباك من جديد وبدانا نحدث خسائرا اخرى للعدو.

*بماذا شعر لحظتها العدو بعد استئناف #القتال ضده بشكل اقوى؟

– شعروا ان قوة جديدة في الجزيرة بعد ما شعرو ان الموقع اقترب من السقوط والمقاومه في انهيار مستمر، لكنه فجاة نشط مره اخرى، فاستنتجوا انه يوجد قوات اضافيه حضرت لهم، فردوا علينا بقوة اشرس  وبداء سقوط شهداء من عندنا يزداد ايضا وصار الموقف بغايه السوء، لدرجه انه وصل لاماكن عاليه في الموقع عساكر صهاينة فقاتلهم الجنود المصريون بالسنكى لان الرصاص نفذ منهم، واقول للتاريخ انه كان عندي حكمدار مدفع قاتل ظابطا اسرائيليا وقتله بالسنكى في رقبته، وللشهاده الحق ان الملازم مصطفى ابو سديره ضرب ظابطا اسرائيليا بدفعه رشاش، وعلى الفور طلبت على اللاسلكي نجدة من قائد اللواء وقائد #اللواء بلغ قائد الجيش وكان الرد بكل وضوح:( انسى اي لانش يطلعلك، حارب لاخر طلقه واخر رجل وربنا معاكم).

*بماذا شعرت لحظتها؟

– وقفت مع نفسي وتأملت الموقف السيء جدا وتخيلت ان الموقع سيسقط ثم سيقتلونا جميعا،وهنا الهمني الله فكره بقدر ما هي جريئة لكنها  ولا زلت احتفظ برسالة من الفريق محمد فوزي فيها شكار على القرار الجريء الذي اخذته حينها، وهو اني بلغت قائد الجيش بأعطاء اوامره لجميع مدفعيات الجيش التالت بانها تضربني والجزيرة على السواء ومن معي، يعني اتبعت نظريه “عليا وعلى اعدائي، فرد قائد الجيش وقال لي:” انت #مجنون ؟ على مسؤليتك الكلام ده ؟ قلت له ايوه على مسؤليتي”، ووقتها لم افكر في زوجتي ولا اولادى ولا اي شيء سوى ان اؤدي واجبي الوطني، (ويتابع)ومن حسن الحظ انه كان يوجد في الموقع ملجاء عميقا جدا  حفرته القوات البريطانية من سنوات طوال، وقلت للجنود الاحياء والمصابة ان ىيختبئون بالملجاء ونزلت بدوري معهم ونحن نقول يارب،وكنت اعلم ضمنا ان الموقع كله سيُدمر وحتى الملجأ ولن نخرج احياء،كما كنت على يقين من ان الصهاينة لن تتوقع  ان تضربها مدفعيات الجيش التالت عندها لن يكون امامهم غير انهم ينسحبوا او ينتحروا، وفعلا بداء الضرب “واتهدت الدشمه على دماغنا واللى مات مات واللى اتصاب اتصاب وبعد 21 دقيقه ضرب متواصل طلعت انا واللى معايا نشوف بعد الضرب ده بالاعيره الثقيله 130 ملي و 150 ملي و 155 ملي وجدت عمليه انسحاب مهوله من القوات الاسرائيليه والقوارب تحمل العساكر وتهرب والغرقى ينتشلوهم والجرحى ينقلوهم والقتلى يجروهم ،كانت عمليه انسحاب رهيبه كبدناهم خسائرا مهوله حصيلتها 67 قتيلا وحوالي 18 قطعه بحريه منهم 11 قاربا مطاطيا وهذه الخسائر لم تحدث لهم طوال حرب الاستنزاف كلها، وكل هذا بفضل الرجال الذين قاتلوا وضحوا بارواحهم، وجاء ابراهيم الرفاعي رحمه الله واخذ من عندي 21 افرول كان متعارفا عليه ان العسكري الاسرائيلي  يرتدي افرول قطعه واحده بسوستة اي سحاب فيها كل اسلحته وعتاده واذا مات يفكون السوسته وياخدوا الجثه فقط. واخد ايضا 19 بندقيه اسرائيلية واخد 12 رشاشا اسرائيليا.

*بعدها انقلبت #المعركة من بحرية الى جوية؟

-صحيح، وجدت حينها فجأه طائرتان هيليكوبتر على سطح المياه على مسافه حوالي 150 او 200 متر فى حاله ثبات على سطح الارض ترميان الحبال والسلالم على سطح البحر لانقاذ الجرحى وانتشال الغرقى يعنى تعتبر عمليه نجدة عاديه ، لكن كظابط دفاع جوي استفزني الموقف وكل المدافع عندي ماعدا مدفعان وكل الرشاشاتاتدمرت ما عدا واحدا 14.30 رباعي المواسير وبعض البنادق، وناديت على حكمدارين المدافع قلت لهما كل  يضرب طلقة واحده 85 ملي مباشر على الطائره تعاملا معها على انها هدف ثابت على الارض لاني خفت ان يشتبكا معها باسلوب دفاع جوي، وفعلا ما ان قلت لهما اضربحتى ضربا بنفس اللحظه  وشاهدنا منظر الطائره وهي تنفجر في الجو امامنا وتتحول لكتله #نار مشتعله وكانت فرحتنا لا توصف وفى هذه اللحظه جن جنون الاسرائيليون،وفي نفس الوقت وجدت لانشا للمخابرات جاء بسرعه كبيره ويخترق الحصار الاسرائيلي بمنتهى الشجاعه والقوه وكان موجودا عليه ابراهيم الرفاعى الله يرحمه وصور بالكاميرا الخاصه به كل  شيء في الموقع واتنشرت الصور هذه في جريده الاهرام العدد الصادر يوم 21/7/69 . صور ال 21 افارول والبنادق والرشاشات التي اخذناها من الاسرائيلين والقنابل اليدويه والفسفوريه والحارقه التي لم تنفجر، ثم وشرحت له الموقف كاملا وان عندى شهداءً وجرحى منهم من ينزف حتى الموت ولا استطيع ان افعل لهم شيئا، ولا يوجد اى نجدة او اغاثة.

*مثل #الجندي الذي وقعت الصخرة على يده؟

– بالظبط وكان موقفه صعبا لجندي اذ من شده الضرب من مدفعيتنا كان يوجد حائطا كبيرا سمكه حوالي مترين وطوله حوالي 30 متر ويزن من 40:60 طن انفصل من جنب ومعلق من الجانب الاخر بالاسياخ الحديد، وهذه الكتله  منه وقعت على ذراع عسكري عندي، وصارت الكتله فوق ذراعه “وبطنه مفتوحه ومصارينه طالعه بره وبينزف وعايم في بركه دم وعينه مفتحه ومبيتكلمش وما زال فيه الروح”  ولم اكن قادراً على اسعافه اسعفه ولا ان ارفع الصخره عنه، المهم ابراهيم الرفاعي قبل ان يأخذ معه بعض الظباط الجرحى، قلت له:” قبل ما تمشي لازم تشوف حل في العسكري ده ومنظره ده عامل قلق شديد ومعناويات العساكر كلها محبطه بسببه”، ومن دون تفكير وجدته يقول لي:” شوفلي بلطه او ساطور”، فأحضرت بلطة وأمسكنا العسكري انا وابراهيم الرفاعي وفصلنا ذراعه عن جسده والغريب انه لم ينزف قطرة دم ولم يقول حتى اه،وسبحان الله “العسكري ده لسه له عمر يعيش وظل يزورني لمده عشرين سنه في منزلي وهو يبكي ويقبل يدي ويقول لي انت انقذت حياتي، وانا كل ما اشوفه بحزن جدا لاني اشعر بذنب رهيب اني #قطعت يده  لكن مكنش فى حل تانى نقدر نعمله غير كده واستطعنا ان ننقذ حياته”.

*كيف كان رد فعل #الزعيم جمال عبد الناصر؟

– في الساعه 7.30 وجدنا ان الجهاز اللاسلكي يتفتح وارسلت لنا رساله من الرئيس جمال عبد الناصر وهنأنا واثنى على شجاعتنا وكانت رساله جميله جدا لتحفيذنا، وعرفنا انه منحني انا والظباط  الذين معي نوط الشجاعه العسكري من الطبقه الاولى، والصف ظابط ال24 منحهم نوط الشجاعه العسكري من الطبقه الثانيه، بعدها بنصف ساعة وصلتنا اشاره شكر من الفريق اول #محمد فوزي وزير الحربية، وبعدها بعشرة دقائق اشارة تقول يمنح موقع الجزيره الخضراء مكافئه ماديه قدرها 500 جنيه نظير اسقاطه اول طائره على #الجبهة، ومن هذا اليوم اصبح مبداءً سارياً  لأية وحده تسقط طائره تأ خد مكافئه 500 جينه طول فتره حرب الاستنزاف، ثم وجدت لانشا اخرا يأتي لنا وفيه قائد فرقتي، و للحق والتاريخ ان اللواء احمد سلامه غنيم قائد الفرقه الثامنه دفاع  جوي الفرقه المسؤله عن حمايه سماء الجيش الثاني والثالث كله من بورسعيد حتى العين السخنه كان يتمتع بشجاعه كبيره جدا، وكان في المعارك السابقه قبل الجزيره الخضراء حين كان الجيش الاسرائيلي يهجم علينا كان يلقي بقنابل زمنيه تنفجر كل واحده في توقيتات متزامنة، هذا الرجل لم ار مثل  شجاعته وقيادته وحكمته في حياتي، المهم  انه ما ان تفقد الموقع قال لي:” ايه ده يا مجدي يا بشاره ؟ دي كانت مفرمه لحمه من كثره المصابين والجثث والاشلاء في الموقع “، ثم اخذ بعض الظباط الجرحى وشد من اذري ورحل، ولكن هل سكتت اسرائيل على هزيمتها؟ وطبعا الاسرائيلين من عادتهم انهم يعملو رد فوري لاي هجمه تصدر مننا فوجدناهم الساعه 9.5 جائو بهجمه بالطيران انتقاما من اسقاط الطائره بتاعهم  وكده كنا خلاص في يوم 20 يوليو 69 وطبعا انا مكنتش مستسلم للوضع ومستنى رد فعلهم وخلاص لا ..انا كنت عمال اصلح في الاسلحه بقدر المستطاع يعني اصلح رشاش من رشاش ومدفع من مدفع مما جعل الوضع التسليحي افضل وعلى اد ما اقدر اداوى المرضى واشيل الشهداء ..وانا مكنتش عاوز خسائر تاني ولا شهداء تاني، ولذلك انا اصدرت اوامر انه اذا حدثت هجمات طيران اخرى الكل يدخل الملاجئ حتى لا تحدث خسائر اخرى حتى نصلح الموقع ونقف على ارجلنا .. وعلى الرغم اني اصدرت هذا الامر الا انه يوجد عريف متطوع اسمه احمد الدرديري حكمدار الرشاش 14.30 بوصه رباعى الوحيد اللي كان صالح في الموقع من هذا العيار .ولا اعلم هو رفض انه ينزل وكسر اوامري ولا شاف كده احسن ولا مسمعنيش .الله اعلم .المهم هو جالس على كرسي الرشاش وماسك في اليد اللي بيوجه بيها الرشاش ووجد طائرتين ميراج امامه مباشرتا .وهذا هو اسهل هدف في الدفاع الجوي الذى يكون امامك مباشرتا .ووجدته بيقول لي يا فندم انا وجد الطائرتين امامي مباشرتا وفي دائره النشان وكل اللي انا عملته اني دوست على بدال ضرب النار وطلعت خراطيم من الرصاص لان الرشاش ده بيطلع 3000 طلقه فىيالدقيقه .والنتيجه ان طائره منهم انفجرت في الجو واصبحت كتل نار متفرقه وده مقدرش اقول غير ان اللي حصل ده من عند ربنا لاننا لو قصدنا نرتب له ونعمله لن يحدث نهائي.. وجن جنون الاسرائيلين مع تعجب قواتنا ايضا اننا لسه فينا نفس وبنقاتل، واستطيع ان اقول ان يوم 20/يوليو 69 كان يوم اسود على القوات الجويه الاسرائيليه وكان يوم فخر وشرف لقوات الدفاع الجوي المصريه لاننا بالاشتراك مع القوات الجويه استطعنا ان نسقط للعدو 19 طائره على الجبه المصريه .. لانهم لما جن جنونهم هجمو على الجبه بالكامل من #بورسعيد الى السخنه وكانت النتيجه هذه الخسائر الفادحه لهم .وعلى الرغم من ذلك الا انهم لسه صعبان عليهم يسكتو وميخدوش بطارهم وكمان في النهايه لم يستولو على الموقع، وعلى الرغم انهم انسحبوا لكن القوات البحريه بتاعتهم لسه محاصره الجزيره وكان عددنا وقتها على الجزيره 24 رجل، والموقف عندي اصبح مفيش اكل مفيش لبس، المصابين بينزفو حتى الشهاده وكمان مفيش رمله علشان ادفن اللي يموت وعدى علينا ايام على هذا الوضع وبدات الجثث تتنفخ وهنبداء ندخل في وباء الى جانب الخوف والرعب في نفوس العساكر من المناظر دي ..فبدائنا نلف الشهداء فى بطاطين ونربطهم و#المسلم نصلي عليه اسلامي، والمسيحي نصلى عليه قبطي، واخذناهم في مركب صغيره جنب الجزيره ونبعد بيهم شويه في حته غريق ونزلناهم في المياه ..ونظرا لنقص المياه لان خزانات المياه باظت من القصف خصصت كام عسكري يحضرو مياه من البحر ويغلوها في اذانات كبيره ونولع في صناديق الزخيره علشان نعرف نشرب مياه وكانو اليوم كله يعملو نظريه التقطير علشان يا دوب يعملو لترين او تلاته مياه فقط ونقسمهم علينا احنا ال 24 رجل وكنا بنقسم المياه في غطاء الزمزميه علشان تكفينا .اما الاكل كنا مش بنفكر في الاكل الا لما مر علينا حوالى 3 ايام فكنا نرمي عبوات ناسفه في المياه وناخذ السمك وناكله .وفضلنا على الوضع هذا 8 ايام . لا عارفين ناكل كويس ولا نشرب كويس ومحاصرين ولا في حد عارف يجيلنا واللاسلكي فضيت #البطاريات كلها ومفيش وسيله شحن والكابل الارضي، من اول المعركه اتقطع واصبحت معزول عن العالم الخارجىي، وقواتنا عارفين ان فيه احياء مننا لكن ميعرفوش كام ولا مين اللي عايش لان كل شويه بتحدث معركه ولا يعرفو ما نتيجتها ولا الخسائر التي نتجت عنها”..

*ماذا عن #الاذاعات الاسرائيلية؟

-من المواقف الصعبه اللي حصلت ان اذاعه اسرائيل اذاعه خبر واحنا لم نذيع اي شيء حتى اذاعت اسرائيل وللاسف من الحقائق المره اللي لا مفر من ذكرها ان في هذه الاوقات كان الشعب المصري لا يثق فى الاذاعه المصريه من بعد ما حدث في 67 وللاسف الاذاعات اللي كان موثوق فيها وقتها هي لندن ونيويورك واسرائيل، اللي حصل ان اسرائيل يوم 20 يوليو الساعه 2 ظهرا اذاعه خبر وهو:( قامت قوه من قوات الكوماندوز الاسرائيليه بالاغاره ليله امس على موقع الجزيره الخضراء بوسط خليج السويس ودمرته تدميرا كاملا واباده كل من فيه ورجعت قواتنا سالمه )،وده كان اول بلاغ اذاعوه واخذته عنهم اذاعه لندن ونيويورك . لكن هما عندهم قتلى وجرحى ولا يستطيعو ان يخفوهم عن شعبهم فاذاعو بيان اخر الساعه 4 اي بعدها بساعتين وقال المذيع:(قامت قوه من قوات الكوماندوز الاسرائيليه بالاغاره ليله امس على موقع الجزيره الخضراء بوسط خليج السويس ودمرته وقتلت كل من فيه وفقدنا ثلاثه عشره ما بين فقيد وجريح )،ثم بعدها بساعتين اي الساعه 6 المغرب كانو وكالات الانباء العالميه فضحتهم وقالو انهم وقعت لهم طائرات وخسرو لانشات واصبحت فضيحه لهم فقالو في نشره 6:(قامت قوه من قوات الكوماندوز الاسرائيليه بالاغاره ليله امس على موقع الجزيره الخضراء بوسط خليج السويس ودمرته وقتلت كل من فيه وعادت قواتنا بعد ان فقدت 35ما بين قتيل وجريح )..ولكم ان تتخيلو معنى ان اسرائيل تقول فقدنا 35 يبقى ماتلهم كام وهما معروف عنهم لما يموت لهم 10 يقولو واحد علشان معناويات شعبهم متقعش لكن هيودو الجثث فين وهما عندهم الجثه مهمة، ومعنى انها لم تظهر يبقى هو لسه عايش لان من غير جثه لن يحدث اي ميراث او معاش او اي حقوق لاهله وطبعا مع الضغط عليهم كان وبيعترفو ووكاله الانباء الفرنسيه في الاهرام بتاعهم قالت ان اسرائيل في هذه الليله لاقت هزيمه لم تكن تتوقعها وتكبدت خسائر غير عاديه في الارواح لدرجه ان  غولدامائير بكت في تلك الليله..المهم هما بعد 8 ايام فقدو الامل انهم يسيطرو على الموقع فقرروا نهم يفكو الحصار ويرحلو . وبكده استطعت ان انزل وارجع تاني للسويس اقوم بمهام عملي كقائد فوج، وانتهت معركة الجزيرة الخضراء بانتصارنا.. (وختم باكياً)” الشهداء والاحياء هم اللي جابو النصر لمصر، وهمه دول الي يستحقوا كل التكريم”

(ومع ختام حوار الذكرايات لم يستطع البطل مجدي بشارة (رحمه الله) حبس دموعه وهو يروي لي الملحمة الخالدة التي تحولت لفيلم ضمن سلسلة ” رجال من ذهب”)

 

شاهد أيضاً

صاحب ” حلو الفن” فرنسوا حلو لامال فقيه:” يطلقون على انفسهم القاب، واغلب اصحاب المدونات لا علاقة لهم بالكتابة والصحافة”

“ما ارتهن ولا يوم لجهة معينة، أو استسلم , وساير الدارج، أسلوبو ماييشبه حدًا حتى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *