الجمعة , نوفمبر 22 2024

تذكروا ما حصل معي.. في انفجار 4 آب

متابعة/ حسن الخواجة)بعد إنفجار المرفأ وتعرضها للإصابة البالغة روت لنا الصحفية الكاتبة رئيسة تحرير موقعelmaw2a3.net ابتسام غنيم ما حدث معها بالتفصيل)

كتبت/ابتسام غنيم

الهروب من #الموت قصة قد اعجز عن وصفها لأنها تُلخِّص بحق مقولة “شفت الموت بعينه” لكن من نوع آخر.. الساعة السادسة الا بضع دقائق على طريق مرفأ بيروت شعرت بارتجاج بالارض وشاهدت دخان اسود يلف المكان.
بلحظة .. تأملت المشهد المباغت وقلت للصبية التي كانت تقود #السيارة اذهبي ناحية الشمال. سارت بسيارتها ببطء لانها كانت بدورها مذهولة من السواد الذي خُيًِّم على المكان وبأقل من رمشة عين طارت بنا السيارة وقذفتنا لمكان بعيد..صرخت كما لم اصرخ من قبل واحتضنت #الصبية التي تخرجت لتو من كلية الاعلام بدرجة #ماجستير، وهي فرحة بما أنجزته في ظل كل الضغوطات وعلى رأسها تحدِّي كورونا، وشعرت ان عقلي يفكر بدرجة مية على مية وبسرعة قلت لها أُخرجي من الباب.
#القتاة كانت مصدومة اعتقدت انها تعرضت لحادث سير أو ربما لصاروخ استهدفنا نحن فقط، عوضاً عن كل #البشر، لكني كنت متاكدة من الدماء التي كانت تسيل مني ومن #الدمار ان #انفجار قد حدث. لا اعرف كيف صرت ادفع #الباب الذي من ناحيتها بقدمي وكيف ازحتها لتخرج عنوة من السيارة ودفعتها امامي لنركض مسافات ومسافات.. الطريق تحول الى خراب اكوام من الزجاج والسيارات محطمة، الجثث والمصابين بالمئات.. ركضت كما لم اركض من قبل هل هي نزعة #الحياة وغريزة البقاء ؟ لا اعلم لكن ما اتذكره ان #شريط حياتي مر بذاكرتي وكانه فيلم سينما .. طفولتي .. ابي رحمه الله.. عمتي التي ماتت مقهورة.. رفاقي الذين احبهم.. اولادي.. الاشخاص الذين اذوني وقطعوا برزقي مرات ومرات.. مشواري الاعلامي المليء بالكفاح والعرق والاجتهاد وقلة الحظ على السواء.. احلامي التي تبخرت قبل تحقيقها.. لم يتوقف الشريط الا عندما جذبني طفل سوري كان يبكي وهو يقول لي:” الله يخليكي تعي فتشي معي على اخواتي كنا عم نلعب وما بعرف وين طاروا”.. جذبته من يديه وقلت له؛” تعالى معي عند فوج الاطفاء حتماً سيبحثون لك عن اخوتك”.. ترى هل ابتلعهم البحر؟ ام انهم تحت الانقاض؟
لم نجد أياً من #سيارات الاسعاف، واصلنا الركض كي لا نتأذى من صاروخ آخر.. فوج الاطفاء الاول كانو بحالة صدمة لان الشباب الذين ارسلوهم لاطفاء الحريق استشهدو من الانفجار.. واصلنا الركض من دون ان نشعر بأي، تعب رميت نفسي باول سيارة اسعاف.. كنا فيها حوالي #تسع اشخاص كلنا مصابون وننزف.. نسينا فيروس #الكورونا وعدم الاختلاط وهمنا الاوحد هو الوصول الى اول #مستشفى، مستشفى الوردية كانت #مدمرة والمرضى كانو يهرلون وهم مصابون من الزجاج، جلسنا على الرصيف ساعة ساعتان ثلاث لا اعلم لكني شعرت اني عشت دهراً وسط الجثث والدماء والدمار..ها هي سيارة اسعاف ثانية صعدت اليها والى جانبي مصاب غائب عن الوعي.. وصلنا الى مستشفى مار يوسف لا اعلم كم الوقت بقيت في ردهة المستشفى لكني وجدت الدموع تخلط بالدماء، وصراخ الاهالي يبحثون عن اولادهم، وبكاء ونحيب يضج من حولي.
الممرضة اقتربت ومسحت الدماء عن وجهي وقادتني الى احدى الغرف، وضمدت يدي وقدمي وطلبت مني ان اقصد اقرب صيدلية لاخذ حقنه كزز ودواء مضاد حيوي.
الارسال مقطوع، والموبايل ما ان يرن حتى يفصل.. فجاة رن وقرأت اسم ابني #عمر شعرت ان الروح عادت اليّ، كلّمته وأخبرته أين أنا في اقل من ساعة وصل، وذهبنا الى مستشفى ثالث حيث تم علاجي بهدوء.. وسط هذا الهدوء صرت اشعر بالآلام لم اشعر بها لحظات الهروب والركض والجلوس على الرصيف، وفي اليوم الثاني كان الوجع اقوى خصوصا ان شريطاً آخراً صار يمر من امامي هو شريط الهروب من الموت ومقاومة الوجع، لكن قدرة الله عز وجل ابقتني على قيد الحياة، وتمكنت من النجاة بعد ان ماتت كل الامال .. والحالة #النفسية اضحت صفرا.. قلق #توتر اضطراب متابعة علاج .. افكار وافكار تضج برأسي وصور الشهداء واهالي المفقودين والاطفال المصابين والبيوت المدمرة كل هؤلاء لا يبارحون ذاكرتي..
تمنيت لو كنت ارى كابوساً وانتهى، لكنها الحقيقة المُرّة الدامية التي راح ضحيتها الكثبرين ودمرت بيروت وشردت الاحبة..ما أصعبها حين تكتب بحبر الوجع، عن سياق أحداثٍ مرّت عليك دون موعد، قرّرت أن تضعك في موضع الإختبار، وأن تُرسل لك رسائلها القاسية، لتقول لك: “أنا الحياة بسحرها كما ومشاهدها المُدمية”.. ما قبل هذا الإنفجار ، الزلزال، الكارثة،(سمُّوه ما شئتم) ، ليس حتماً كما باقي أيام العمر التي تلته وستليه، فأكبر #المصائب باتت صغيرة ، فالحياة أبسط بكثير من أن نعيشها بالتوتر والقلق والإحباط والعراك والسخافات ، وتذكّروا ما حصل معي!

شاهد أيضاً

الاتحاد العربي للنقل البري يوجه الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي ويكرم كامل الوزير

خاص/ القاهرة وجه الاتحاد العربى للنقل البرى الشكر لفخامة #الرئيس_ المصري_ عبد_ الفتاح_ السيسي_ رئيس_ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *