حوار/ ابتسام غنيم(من الارشيف)
فنانة كبيرة تنحدر من الزمن الراقي والاصيل فرضت وجودها على الساحة الفنية العربية بذكائها وحنكتها وموهبتها المتفردة وتخطت حدود الوطن العربي وغنت الفرانكو –آراب والتركية على السواء، كما اجادت التلحين وصارت حالة استثنائية ليتكلل مشوارها بالنجومية البراقة، وظلت محافظة على تألقها الى ان اعلنت اعتزالها وهي بقمة مجدها الفني.. انها الفنانة الكبيرة طروب التي لا تزال علامة فارقة على خريطة الفن.. معها كان هذا اللقاء الذي فتحت لنا فيه قلبها وتحدثت عن عدة امور فنية وشخصية.. وكنت قد سبق ونشرت هذا الحوار في موقع النشرة الفنية واليوم اعيد نشره بموقعي بخانة الارشيف
ارتباطي بمحمد جمال اختصر لي الصعاب وتطلقنا بقمة ألقنا.
* رغم اعتزالك الفن الا ان بصمتك بمدرسة الغناء والدلع الراقيين راسخة ببال الجمهور؟
-صحيح، لاني قدمت اعمالا كثيرة طوال مشواري الفني، وتعمدت منذ احترافي الفن ان يكون لي بصمة واضحة ومدرسة فنية قوامها اللحن الراقي والكلمة الحلوة لاني مع اسلوب السهل الممتنع بالغناء، (وتضيف) ولا تنسي اني الحن بالفطرة من دون أن اقراء نوته وكل الحاني نجحت على مستوى الوطن العربي، وحتى اليوم لدي “مسجلة” تحتوي على شريط الحن من خلاله الكلام بعد ان اسمعه.
*هذا النجاح كان موازياً لما حققته مع طليقك المطرب محمد جمال عندما قدمتا الديوهات الغنائية؟
-فعلاً، عندما بدأت وجمال بغناء الديو كان قبلنا ندى وضياء الدين، لكن كان لدينا اي انا ومحمد جمال مساراً خاصاً من هنا لم نختلف معهما، بل بالعكس نتج عن ظهورنا صداقة جميله ومنافسة شريفة، ولا زالت المطربة ندى صديقتي حتى اليوم، وابنها ضياء الدين يُعد من اهم الملحنين في مصر،(وتضيف) اخترت بعد انفصالي عن جمال اللون الغنائي الخفيف الراقي الذي يتسم بالدلع وقلة ممن استطعن مجاراتي بهذا اللون، وتحديداً مثل اغنيات”والنبي لكشو ده العصفور”،”يا ستي يا ختيارة”،”ياحلاق اعملي غرة”،”يا صبابين لشاي”،”ع الكورنيش” وغيرها من الاعمال، كما غنيت ايضاً القدود الحلبية.
الحن بالفطرة وغنيت التركية والفرانكو اراب والقدود الحلبية!!
*وايضاً غنيت الرومانسية مثل اغنية”انا مسافرة ودعوني”؟
-هذه الاغنية اعشقها جداً، غنيتها بفيلم”الاستعراض الكبير”، واذكر انها حققت نجاحاً كبيراً على مستوى الوطن العربي، وقيل لي بعد ذلك ان احدى المذيعات في سوريا كانت تضعها كل يوم في فقرتها الصباحية بالاذاعة وتلقي الشعر وبعد شهر بالتحديد ماتت، كانت تشعر انها ستفارق الحياة بسبب مرض كانت مصابة به رحمها الله، وعلى فكرة عملت في سوريا كثيراً وحققت نجاحات كبيرة لاسيما في مطعم “العراب” الذي كنت أغني فيه يومياً.
*قبل سنوات غنت لك الين خلف “يا صبابين الشاي” و”يا حلاق” وقالت انها تحبك جداً بأكثر من وسيلة اعلامية؟
– الين غنت من دون ان تستأذنني، وانا لما كنت لأمانع لو طلبت مني ذلك، وقد سعدت انها فكرت بأعمالي لان مستواها قيم، واليوم عبر اليوتيوب اغنياتي التي بالابيض والاسود منتشرة والناس تقبل عليها لان جمهوري لازال يحبني، وعلى فكرة الين فنانة جميلة وصوتها جيد جداً.
*ماذا تقول طروب عن طفولة امال اسماعيل جركس وهو اسمك الحقيقي ؟
-عشت يتيمة الاب ولدي شقيق و شقيقة هي ميادة وهما الأخوة الغير أشقاء، ، وكنت اغني واحب الرقص والموسيقى وكانت امي تريد تزويجي عندما بلغت سن الثالثة عشرة، وفي العطلة المدرسية كانت تضعني عند خياطة لاعمل الا اني كنت ادير الراديو وارقص، وعندما قررت خوض غمار الفن عارضت امي بشدة وكذلك والدي وهو من اصل شركسي من الاردن وعائلته تعتبر الفن عاراً، فكان ان اهدروا دمي بطلب من عمي، عندها اصرت الوالدة على تزويجي كي لا تتحمل مسؤليتي ازاء اصراري بدخول الغناء، كما اني كنت البنت الكبرى وتريد ان تراني في بيت زوجي، فما ان اتميت الثانية عشرة حتى قررت ان ارتبط تحت تسمية السترة وخطبت اربع مرات اولها في سن الرابعة عشرة لكن ما لبثت ان طفشته، وخامس خاتم خطبة ارتديته كان من محمد جمال وكان عمري حينها 17 سنة وقالت لي الله يوفقك، وارتباطي بمحمد اختصر لي طريق الفن وانجزنا عدة ديوهات غنائية، ثم انفصلنا بعد سبع سنوات ونصف.
*كنتما الحدث الاهم بحفلات “اضواء المدينة” الشهيرة التي يقدمها الاعلامي الكبير جلال معوض رحمه الله؟
-فعلاً وهذه الحفلات كان يشارك فيها كبار النجوم مثل عبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة ولبلبة وغيرهم، لكن الديوهات التي كنا نقدمها شكلت علامة فارقة بالفن ومنها”عاش مين شافك”،”مش معقول”،”قول كمان”،”من فضلك يا ست البيت” وغيرها.
*كان لك بصمة جميلة بالسينما لكنك لم تستمري؟
-لأني اعشق الغناء، ومن ابرز الافلام التي قدمتها مثل”عصابة النساء” مع حبيبة قلبي صباح رحمها الله، “العقل والمال” مع اسماعيل ياسين رحمه الله،”ها 3″ مع رشدي اباظة وسعاد حسني،”الارملة الطروب”، وفي لبنان مثلت عدة افلام منها “موعد في بيروت”، “الجاكوار السوداء”، “البنك”، “الجبابرة” مع بطلي المصارعة اللبنانية الاخوان سعادة، ومع الممثل ابراهيم خان شاركت ببطولة “وداعا يا فقر”، وفي تركيا صورت عدة افلام منها “لاعب الكرة” مع دريد ونهاد، و”شيطان البوسفور” مع فريد شوقي، اما في سوريا ظهرت بفيلمين هما “الاستعراض الكبير” و”شقة ومليون مفتاح”، وشاركت كضيفة شرف بفيلم”تحدي الاقوياء” وقدمت فيه اغنية “يا ستي يا ختيارة” وكان العمل من بطولة سهير رمزي ونور الشريف وحسين فهمي، بعدها ركزت على التنويع بالغناء وغنيت التركية والشركسية مثل “شوق جوزال احبك شوق”و”عثمان آغا”.
اغنية “مصطفى” كانت لأبن وزير احببته وهكذا رفضت الزواج من النجم الهندي.
*هل صحيح انك احببت شخصاً مليونيراً اسمه عثمان آغا واهداك خاتماً من الماس مقابل الاغنية؟
-غير صحيح على الاطلاق، الحقيقة اني احببت بعد طلاقي من محمد جمال ابن وزير تركي اسمه مصطفى واهديته اغنيتي الشهيرة”يا مصطفى”، لكن لم يتم الارتباط بيننا لأن اهله عارضوا فكرة زواجه تماماً، فسافر الى انكلترا وانهمكت انا بأعمالي الفنية، وبصراحة مصطفى كان الحب الأكبر في حياتي لكن كل شيء قسمة ونصيب.
*وماذا عن النجم التركي جونايت اركن؟
-كان فناناً موهوباً ووسيماً، ومثلت معه بفيلم”عصابة النساء” وطلب يدي للزواج ووافقت لكن والدتي عارضت لانها كانت تشعر ان هذا الارتباط لن يكتمل، وكان معها حق لانه عندما كان يغضب ويثور يتحول لشخص آخر كما طلب مني الاعتزال، فرفضت وقررت الانفصال عنه وحاول اللحاق بي لكني غادرت تركيا بعدها علمت انه حاول الانتحار بسببي.
*والفنان الهندي الذي اغرم بك؟
-كان رجلاً رائعاً بكل المقاييس ومن اهم نجوم بولييود واسمه صونيل ضاض، لكني كنت اشعر تجاهه بمشاعر الاخوة ولم احبه بينما هو اغرم بي، وعندما ايقن اني لن ارتبط به غادر لبنان وهو يبكي على فراقي، ويومها أوصلته الى مطار بيروت بنفسي ومعي امي وأخي وودعنا وهو حزيناً جداً.
هربت من فريد الاطرش لاني اراد ان يقيدني وعبد الحليم كان شفافاً وأبكاني
*لكنك هربت من الزواج من الموسيقار فريد الاطرش؟
-(تضحك وتقول) رحمه الله كان اميراً بفنه واخلاقه، ولحن لي “ع الكورنيش” التي منعتها الاذاعة اللبنانية آنذاك لاعتبارهم انها تخدش الحياء، وعندما اذيعت في الدول الاخرى “كسرت الارض”، والحقيقة ان فريد طلبني للزواج شرط ان لا اعمل الا معه وان اظل برفقته اينما حل، فوجدت انه سيقيدني فكان الهروب من هذا الزواج، لكن للامانة فريد الاطرش من اعز الناس الى قلبي رغم ان زعله مني استمر لمدة عامين ثم تصالحنا وانجز لي اغنية”ع الكورنيش” كما اسلفت الذكر.
*والعندليب عبد الحليم حافظ؟
– عبد الحليم كان حالة استثنائية بالفن والحياة لما يتمتع به من شفافية وطيبة، كنت احب صوته من قبل ان اصبح فنانة وأعشق أغنيته “صافيني مرة” واسمعها بأستمرار، وبعد ان اصبحت نجمة وتزوجت من محمد جمال كنا نلتقي بالعندليب وكان بيننا صداقة جميلة جداً وبعد رحيلة بكيت بمرارة وشعرت ان الدنيا اصبحت مثل الصحراء القاحلة،(تبتسم وتقول) اذكر اني كنت مرتبطة بمحمد جمال وكنت اسمع دائما اغنيات العندليب عبر الراديو بالبيت الامر الذيلفت انتباهه وأغضبه وقال لي”شو حنضل نسمع عبد الحليم مش حنسمع غيرو؟” واخذ مني الراديو ورماه ارضاً وكسره، لكن للامانه محمد جمال كان يقدر العندليب ويحبه جداً.
عمر الشريف كان صديقاً فقط ومحمد جمال كسر الراديو بسبب العندليب!!
*هل صحيح ان عمر الشريف طلبك للزواج؟
– عمر الشريف كان صديقاً فقط وقال لي انه سيدعمني في هوليوود لو فكرت بالسفر الى الخارج لاصبح نجمة عالمية، لكن ضمناً لم اكن مقتنعة بفكرة السفر فأعتذرت بشياكة لتبقى بيننا الصداقة والزمالة الفنية.
لوني الغنائي يتسم بالدلع والسهل الممتنع واعتزالي كان لعشقي الالهي.
*ثم تزوجت من رجل اعمال مصري؟
-صحيح وعشت معه عدة سنوات، كان مهندساً وبسبب الاختلاف بوجهات النظر بيننا وقع الطلاق.
*وبعدها اعتزلت؟
-قرار الاعتزال كان يراودني وانا في قمة مجدي الفني، وكان ان سجلت اغنية دينية هي ” الطريق الى الحق” من تلحين والد محمد ضياء الدين، والقدير حليم الرومي انجز لي اغنية دينية رائعة ايضاً، الى ان غلبني عشقي الالهي واعتزلت وتفرغت للعبادة لكني لازلت اقدر الفن الراقي والاصوات الجميلة واشجع الاعمال الهادفة والاصيلة واحترم كل من يعمل بالفن للارتقاء به.