بقلم / جهاد أيوب
الدراما العربية للموسم الرمضاني فقط وفي هذا العام 2024 بغالبيتها خاوية من الأخلاق، ولا علاقة لها بالوطن وتشبه غابة من خارج سربها، وحينما نقول ” أخلاق” لا نعني الميثالية وتجميل الكذب وعدم نقل الواقع مع تصرف، بل هي تخاف الخوض في هموم وفرح الناس، أو طرح القضايا بمسؤولية وليس العمل على تخدير المتلقي كما هو حاصل…إنهم يفرضون الدع/ارة والجريمة، ويرخصون ويسوقون المرأة الرخيصة، ويستسهلونها كما لو كانت هي الواقع وأساس المجتمع، وأخطر أهدافهم المفتوحة تزوير القيم!
الدراما العربية الحالية شريكة في تخدير وزرع الخمول الفكري والذهاب إلى الش/هوة الجن/سية والمال على حساب العائلة والمجتمع والفرد، ومن لا يزال يفكر بأن الدراما مجرد حالة فنية وأعمالها لا تتجاوز الفن هو أحمق سياسياً، وهو عبيط لا يعرف ما يحاك ضد وجوده ومشاريعه!وكما لم يعد النظام السياسي العربي بحاجة إلى توجيه الفنان والمنتج والكاتب ليعمل ما يشتهيه لفعل وافتعال التخدير وتشويه القيم، والفنان من ذاته يقدم أكثر مما يُطلب منه في فكر ورغبة السياسي التي يسوقها عبر تحكمه بالمنتج والانتاج المنفذ والعرض، لقد أدلجوا وخدروا صناع الدراما قبل أن يُخَدَروا، وأصبح الفنان العربي بوقاً لمن يدفع ويعطيه جائزة ويستضيفه في مهرجان وفي فندق حتى لو شُتم وشُتمت بلاده!
لا تزال دراما العرب تبحث عن وطن وهويتها المرأة الرخيصة ومافيا المخدرات وتفكك الدولة!
الشرخ
من هنا لم تعد الدراما مجرد رسائل سياسية بل أخطر من ذلك، إنها وسعت نطاق أهدافها إلى زرع الشرخ داخل الفرد، وأصابت عمق المجتمع وتساهم في إلغاء الدين والتقاليد وفكرة الجماعة…!لقد نجحت في أن يصبح الشرخ شجرة خبيثة، ومن لم يتنبه إلى ذلك هو شريك من أجل مشاريعه السياسية الضيقة والغاز في البحر العربي وطائفيته المهزوزة، وبصراحة بعد هذا الموسم الفاجر الكل هو شريك بتفكيك المجتمع الوطن الفرد بحجة تمرير الأمر الواقع ومشاريع مخيفة!
حادثة!
ونذكر هنا حادثة مهمة يبنى عليها، فبعد النكسة التي وقعت في مصر جمال عبد الناصر، سمحت المخابرات المصرية آنذاك بتكثيف المشاهد الجن/سية في أفلامها السينمائية بعد أن كانت ممنوعة ومخففة، وبالطبع هذا يسمح بإلهاء الشارع عن ما هو أخطر…واليوم تعاد التجربة الفكرة التمريرات الخبيثة من خلال السلاح التخديري الجديد وهو “الدراما” بكل فصولها خاصة التلفزيونية تحت حجة الحرية الإبداعية…والغرب يسوق للشرق أن الإبداع ينطلق من الجنس، بينما في بلاده يعتبر التطور التكنولوجي هو الإبداع!
وهذا يعني غالبية الأنظمة العربية شريكة في دعم وتسويق “الجن/س” كعقدة وعادة عند العرب، وجعل الدراما هذه مجرد بارات وأسواق للرق…ولا يزال الجن/س عقدة العرب!
ماقدم
تجاوزت الأعمال الدرامية العربية لهذا الموسم الرمضاني 136 مسلسلاً، ومنها 16 عملاً سورياً، و7 مشتركاً هجيناً، و20 عراقياً، و 17 يمنياً، و 30 مصرياً، و 46 خليجياً غالبيته كويتياً وأفضله سعودياً وأفقره قطرياً وإماراتياً، والصفر للدراما اللبنانية!
غلب على هذه الانتاجات الدعارة والقت/ل والدم/اء والرقص الشرقي وتزوير التاريخ بحجة محاكاته، أعني إنها بغالبيتها داع/رة دامية لمجتمع يدعي التدين والعفة لا بل يتخمنا بذلك الادعاء!ومن خلال الهروب من نقل الواقع لا تزال دراما العرب تبحث عن وطن وهويتها المرأة الرخيصة الفاجرة الموجودة من أجل بيع ج/سدها ومن ثم الانتقام، ولا علاقة لها بالاخلاق وما شابه، وهي تستسهل اقدم مهنة ومافيا المخدرات والشعوذة، والأخطر من كل ذلك تقديم صورة حية وواقعية مباشرة عن تفكك الدولة في العرب والعائلة وتشتت الفرد!
تمت أدلجة الفنان العربي من خلال جائزة وعزيمة حضور مهرجان والنوم في الفندق
بالمختصر
تعتمد دراما العرب على موضة قديمة جديدة من سرقة افكار وقصص من هناك، والدارج الواقع أصبح يعتمد في سرقته من مشاهدة الأعمال الكورية والهندية والاسبانية والأفلام الهوليودية، ولا ننسى الموضة والأزياء والعقدة والتقليد التركي منذ أكثر من عشر سنوات، وحتى الحوارات ذاتها، والأكثار من الجريمة، وهذا المنوال يتبع بشكل كبير في اختراع الدراما المشتركة التي تعيش مرحلة النهاية، واللبنانية مفقودة الهوية والانتماء واحتل وسام حنا وبرنامجه ” أكرم من مين” المرتبة الأولى، والكويتية الضائعة وبعض المصري المنفصم كلياً، وبعض السوري الهجين المغرق بالجريمة والدماء…ومنها ” ع_ أمل”، و” يس عبدالملك”، و ” من كثر حبي لك”، و ” العتاولة”، و” ملفات منسية”، و”الصديقات”، و”ولاد بديعة”، و” عزك يا شام”، و” الوشم”، و” تاج”، و” 2024″، و ” زوجة واحدة لا تكفي”، و” نظرة حب”، و”هود الليل”، و”قلم رصاص”، و”خان الذهب”.. !
سرقة الأفكار والسيناريو والحوار من الكوري والهندي والتركي والهوليودي موضة قديمة جديدة!
وأصبح عرفاً عبيطاً اقحام القصص باختراع خطوط درامية جديدة على الطرح المحور دون أهمية ومن غير حلها أو نهايات…بالطبع فبركات هجينة غير مبرر لوجودها في اختراعات لخطوط درامية لا تنسجم مع طبيعة القصة، وذلك للحشو والثرثرة والمزيد من التشتت والهاء المشاهد عن الأخطاء الفنية والرسائل المرجوة من قصد المطروح!
كما ضاعت الحبكة الدرامية خاصة في الانتاج الضخم، وجاءت الأعمال مجرد أحداث مكثفة داخل قصص، ولو غيبتها لا تؤثر على الموضوع خاصة الكويتي والمصري والسوري، وهذا يعود إلى كذبة الورش والشراكة في الكتابة حيث ظهرت النتائج تخمة في الأحداث المقحمة وغير المبررة، وربما فقط لتطويل العمل، وأحياناً نشعر أن الشخصية ضاعت لا بل تاهت كما هو حاصل في “تاج” و ” الحشاشين” و ” الخن”، و ” ولاد بديعة”، و” الصديقات”، و”جاك العلم” و” عزك يا شام “، و” كسر عضم2، و”خطاف”، و” خيوط المعازيب”، و شباب البومب12″، و “قضايا من البادية”، و”متحف يدي”، و “هود الليل”، و”من كثر حبي لك”، و”نقطة إنتهى” …ويعتقد أن كثافة الأحداث تنجح العمل، وتبعد الأخطاء الفنية خاصة في أداء الممثلين حيث تظهر مريضة نفسياً وتعصب من دون هدف، وكذلك ضعف المخرج في عدم معرفته بتحريك ممثليه وكيفية أخذ الزوايا الصح والكاميرات والإضاءة لكونه لا يقرأ مشاهده، ويعتمد على غيره بسبب كثرة تحطيم وتكسير وتغيير النص حسب مزاجية وسياسة المنتج!
يضاف إلى هذه المعمعة ” الألوان” فما من عمل يستحق الوقوف عنده إلا القليل الذي لا يتجاوز أصابع اليد، ألوان من دون دراسة وعلم ودراية، وننوه بألوان “ع أمل”، و”من كثر حبي لك “، و “العربجي2″، و”عريس تحت الطلب”، و”نقطة انتهى”، و” الشرار”!
دراما العرب هذا العام فولكلور هجين، وقصص تبحث عن وطن، ومواطن من سراب، وشخوص دمى، وخواء بشري من غير فكر يعتمد على الجسد والشهوة وحب الدنيا دون مقامات وأخلاق وتسامح!