الموقع – مجلة الكترونية فنية شاملة elmaw2a3
حوار/ ابتسام غنيم(بيروت)
المخرج والممثل الفلسطيني الكبير محمد بكري صاحب التاريخ الطويل من المسرحيات والأفلام التي جعلته يصل إلى العالمية ويؤسس لمجموعة كبيرة من الأعمال الناجحة التي نال عنها جوائز كثيرة كأفضل ممثل وأفضل مخرج؛ من أبرز أعماله “درب التبانات” و”وراء القضبان” ، “حنا كي”، “الغصن الأبرص”…ولعلّ أشهر إنجازاته الإخراجية هو فيلم “جنين جنين” الذي أثار حفيظة الإسرائي*ليين وهزّ كيان دولتهم وجعلهم يعملون على منعه قرابة العشرين عام لما تضمّنه من سرد لجرائ*م قام بها الإحتلال الذي اعتبر هذا العمل بأنه أقوى من العمليات الإستشهادية…محمد بكري الفنان المناضل ما زال يسعى لتوصيل صوت الفلسطينيين ومعاناتهم في وجه الك*يان المحتلّ الذي يبرع في طمس الحقائق بعد كل عدوان على فلسطين..
*علمنا انك انجزت “جنين 2023″؟
-صحيح، وكنت قد بدأت في عمل المونتاج له قبل شهرين، لكني حالياً اعيش توتراً ولا يشغلني سوى متابعة الاحداث في غزة..(ويضيف) كما ان مشاكل فيلم “جنين” الذي انجزته بالسابق لا تزال تلاحقني وآخرها كان قبل شهرين حين ادانوني بمبلغ كبير بالاضافة الى منع عرض الفيلم كما تمت مصادرة كل النسخ..
*يعني عشت أبشع أنواع القمع للحريات لا سيما وانك فنان؟
-بالظبط، لكن الوالدة منذ الطفولة علمتني” ما حطة واطية عليّ”، لذا مهما كان حجم الاضطهاد والظلم الذي اواجهه، عليّ المضي في طريقي..
*قمع الحريات لا يقتصر على الفنان العربي بل طال قبل سنوات ميل غيبسون عندما اراد انجاز ” آلام المسيح”؟
-بالظبط، العدو يمارس همجيته بشتى اشكالها، ومع كل انسان حر وشريف، فالطالما حاربوا كل من يملك ضميراً حياً مثل ميل غيبسون وانجلينا جولي وروجر ووترز الذي ما ان زار فلسطين حتى صارت اللوبيات تلاحقه وتريد القضاء على مسيرته، هم يتبعون سياسة كم الافواه لكنهم يفشلون.
*نجلك الفنان محمود البكري نال جائزة افضل ممثل عن فيلمه ” علم” الذي حاز جائزة الهرم الذهبي العام الماضي بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي..
-بالظبط، ولكنهلم يكن متواجداً حينها، محمود يُكمل مسيرتي ومسيرة كل فنان شريف ومناضل لاجل القضية وتبيان الحقائق، واشكر مهرجان القاهرة على تقديره للفن الفلسطين ومنح فرصة للاجيال الشابة للبزوغ باعمالها القيمة، كون احداث فيلم ” علم”تدور حول خمسة مراهقين فلسطينيين يحاولون تقييم المخاطر التي سيواجهونها عند نضالهم ضد إجبارهم على نسيان التاريخ.
*والتاريخ سيخلد كل شهداء فلسطين؟
-بالظبط، التعايش مع هذا العدو امر غير قابل للنقاش البتة، وجيل بعد جيل المقاومة ضد هذا الاحتلال الغ*اصب مستمرة، صحيح ان الشباب يريد أن يعيش حياة كريمة لكنه بالمقابل لن يتناسى قضيته الاساسية والاولى في الحياة.
*بعض الشباب تؤيد التطبيع بغية العيش يسلام؟
-لن اتكلم عن التطبيع لان له أربابه في المنصات السياسية، صحيح انا فنان مُسيّس لذا أوصل مخزوني الفكري من خلال فني حتى لو حاربوني لاخر يوم من عمري.
*نور الشريف من أبرز النجوم المؤيدين للقضية الفلسطينية وأخبرني عندما حاورته كيف احرق الموس*اد باليونان فيلمه” خيط ابيض وخيط اسود”؟
-نور من اهم المثقفين وصديقي، وأعلم تماماً مدى تأييده للقضية الفلسطينية، لكن للأمانة لا أعرف تفاصيل ملاحقته بالفيلم الذي كان ينجزه باليونان..
*تم حرق النيغاتيف وملاحقته اي لنور؟
-طالما الفيلم يؤيد فلسطين من الطبيعي ان يحرقونه وان يحاولون القضاء على بطل العمل اي نور الشريف..(وبتابع) سياسة هذا المحتل لا تتورع عن فعل اي شيء من قتل وحرق وتدمير اي انسان مقاوم.. (ويضيف) بفيلمي “جنين” سرقوا لي نسخة، تفكيرهم الغبي لم ينبههم ان لدي عشرات النسخ من الفيلم الذي ما أن عرض حتى انهالت علي رسائل التهديد والوعيد، وصرت محاصراً ومع ذلك لم أهتم ” ويا جبل ما يهزك ريح”، “جنين” هذا الفيلم الوثائقي الذي لا تتجاوز مدة عرضه الساعة الواحدة، أرعبهم وهزهم وعمدوا لمصادرة حريتي لعقدين من الزمن ومع ذلك الفيلم أوصل رسالته الى العالم كله.. وبعدها اشاعو ان كل ما في الفيلم اكاذيب وتلفيق علماً اني لم اقدم بالفيلم اي نداء او طلب للمقاومة بل قدمت مقولة واحدة داخل الفيلم، وهي أنه ينبغي أن ينتهي هذا الاحتلال حالا، قدمت وثيقة إدانة للضمير الإنساني كله بسبب الصمت والتواطؤ مع المحتل على كتم الصوت المنادي بالحرية وإزهاق الروح الحرة في المخيم، لم انادي بفيلمي بأي عمل م*سلح ضد الاحتلال، على العكس فأنا اكرر دائما انتمائي للذين ينادون بالسلام، والجلاء عن الأراضي الفلسطينية دون حروب، ومع ذلك وصفوا بساطة الفيلم ورؤيته بمثابة مليون عملية استش*هادية ضد المحتل، لان الفلسطيني الاخرس كان هو الراوي الحقيقي للعمل الذي عبر بلغة مليئة بالوعي حقيقة موجودة الا وهي انه كلما أنجبنا طفلا قتلوه، كلما زرعنا حديقة خلعوا زرعها، وكلما بنينا بيتا هدموه… أين العالم؟ وكان ان تم حظر عرض فيلم “جنين جنين” وحذف روابطه في شبكات وقنوات التواصل و”يوتيوب” ومصادرة جميع نسخه الذي يوثق أحداث مج*زرة مخيم جنين الذي نفذها جيش الاح*تلال خلال العملية العسكرية “الجدار الواقي”، وتعرضت للملاحقات القضائية وكل ذلك كما اسلفت وذكرت ما هو الا تكتيماً للأفواه والحريات ومحاربة الفن والثقافة والإبداع الفلسطيني،(ويضيف)المغني الانكليزي روجرز ووترز ايضاً تمت محاربته ومنع حفلاته لانه أعلن تأييده للقضية الفلسطينية واطلقوا عليه خبرية من انه أكثر المعادين للسامية شهرة عبر العالم، وكان رده ارتداء الكوفيه الفلسطينة والتوقيع على رسالة مفتوحة مع عدد من المثقفين والموسيقيين لمقاطعة اسرائ*يل، كما نشر عير حسابه في تويترتنديد بأعمال العنف التي ترتكبها إسرائ*يل في القدس، ووصف عملية إجلاء العائلات الفلسطينية بأنها تشبه ممارسات الإبادة الجماعية.
*شاهدت لقاء الاعلامي باسم يوسف مع بيرس مورغن؟
-بصراحه لا، لكني تابعت كل ما كتب بعد الحلقة وعلمت انه رد بسخرية في اللقاء الاول حول حيلة العدو بتصفية القضية الفلسطينية، وفي اللقاء الثاني بين لمحاوره ان زيت الزيتون الذي قدمه له هو من غزة من شجرة عمرها 600 سنة، وان فلوريدا هي الاولى باخد اليهود اليها .. باسم نقل واوصل حقيقة إفساد إسرائيل للغرب أخلاقيّا بشكل لا مثيل له كون المجتمع الغربي كان يظهر على انه ليبراليا متفتحا وحامي الحقوق والحريات. وارى انه في وقتنا العصيب هذا افضل طريقة لطرح القضية وتناولها وشرحها هو لغة الكوميديا السوداء.. تماماً كما كان يفعل ناجي العلي رحمه الله حين كان يرسم الواقع بسخرية من خلال ” حنظلة” الذي كانت صرخاته رائعة ومبكية بأسلوب مميز.. (ويعلق) باسم كانت ردوده ذكية لان المحاور احياناً يحاول ان يوقع الضيف بشرك اسئلته، ومن هنا كانت سخرية باسم خير وسيلة بكشف تاريخ الصراع من البداية وكذلك الحقائق والأكاذيب التي يصدرها الغرب.
*نور الشريف وعاطف الطيب قدما ” ناجي العلي” وتمت محاربتهما؟
-رحم الله عاطف الطيب كان من اهم المخرجين، ونور صديقي وأحبه وأحترمه وكثيراً ما كنا نلتقي ثلاثتنا بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي ونتحدث ونتناقش بالعديد من الامور وأبرزها القضية الفلسطينية.. ومرة قال لي نور الشريف انه يريد تقديم فيلم عن “ناجي العلي” واني افضل من أجسد شخصيته وبعد فترة تم تصوير الفيلم وقام نور بالدور ودخل بأزمات وحملات شرسة، والمطالبة بمنع عرض الفيلم،و وصل الامر إلى اتهامات نور الشريف بالعمالة لأمريكا، فقد قال أنه تفاجئ من اتهام البعض له بأنه تقاضى 3 مليون دولار مقابل عمل الفيلم من أمريكا، مثلما روى هو نفسه أثناء استضافته من جانب السيناريست مدحت العدل فى برنامجه التليفزيوني قبل وفاته بمدة قليلة، مؤكداً أن الأمر كان أشبه بالمذبحة عليه.. (ويعلق) بعيدا عن السياسة احب جدا فيلم ” سواق الاتوبيس” لنور الشريف الذي اخرجه المبدع عاطف الطيب رحمه الله
*هذا الفيلم يغمز لحقبة اقتصادية في عهد السادات وهي مرحلة من تاريخ مصر
-الفيلم صنف من أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، لانه كان واقعياً كما تجلت عبقرية عاطف الطيب في اخراجه.
*بالعودة الى ما يحدث اليوم كيف تعلق على استهداف الصحفيين خلال عملهم؟
-هذا العدو لا يتورع عن فعل أي اج*رام مع أيِ كان، أغص وأحزن واتألم وعندما أعلم ان مراسلاً استشهد هم يذهبون لنقل الخبر فيتحولون الى الخبر والحدث بلحظة، العدو يريد اسكات الحقيقة بالقتل، وهذا هو نمطه الفتاك المستم به من زمان، علما ان كل المراسلين يضعون شارات للتعريف عن انفسهم ن انهم صحفيين ومع ذلك يتعرضون للأعتداءات الغاشمة.
*احد المتفاعلين على التيك توك استهزاء بالمراسل وائل دحدوح وقال انه قبض من قطر “كزا مليون دولا”ر بعد ان استشهدت اسرته؟
-هذا المتفاعل لا يسعني الا أن اصفه بالحقير.. أعرف وائل جيداً واقدر تميزه، بتغطيتة الدقيقة للقصف الإسرائ*يلي والمج*ازر العديدة التي يرتكبها في عدوان*ه المتواصل على قطاع غزة، ونقل حجم الدمار والاستهداف الواضح للمدنيين.. وائل ” اكبر من الملايين ومن الدولارات” وعقب تلقيه الفاجعه قال :”بينتقموا منا بالأولاد معليش، دموعنا دموع إنسانية وليست دموع جبن وانهيار”، فليخسأ جيش الاحتلال، وأزيد ليخسأ هذا الجبان المتفاعل على التيك توك بسخريته من وائل وقدرته على مواصلة عمله بعد استشهاد اسرته.. هذه القوة لا يشعر بها الا من عاش الظلم والاضطهاد وليس مثلة المتفزلكين على مواقع التواصل الذين يسعون من خلال فيديوهات تافهه مثلهم للسعي المادي الرخيص.. وائل يوثق الحدث، ما بين كل قنبلة وصاروخ يعرض نفسه للخطر كل دقيقة، وذاك السخيف رش الملح على الجرح ومهما أعتذر لن يُشفع له.. (ويتابع متأثراً) صورة وائل وهو يودع أسرته ذكرتني برسمة مشهورة لعميد الفن التشكيلي اسماعيل شموط عنوانها “الرحيل” التي تمثل غزة من قلب الدمار.
*ما تعليقك على اعتقال الفنانة دلال ابو امنة؟
-دلال فنانة ملتزمة، ذات حنجرة ذهبية، وصوتها فيه نقاء وصفاء وهي شخصية محبة، تحب السلام ولا تحرض على العنف واذا كتبت ” فلسطين حرة” هي تعي ما تكتب، وبالتالي هي كتبت الحقيقة، ومن منطلق ذلك اعتقلوها لان الحقائق تربكهم، وما فعلوه معها ما زادهم الا عاراً على همجيتهم.
*غاري غاربتيان مخرج لبناني ارمني قتلته الموس*اد بسبب فيلم ” كلنا فدائيون”؟
-بصراحة لا اعرف غاري لكن لا شيء مستبعد من هذا العدو اللئيم.. اسم الفليم أي ” كلنا فدائيون” لا شك انه أرعبهم لذا قضوا على مخرج العمل.. (ويضيف) أذكر عندما أنطلق فيلمي ” جنين” قالوا انه ” فايك” كله كذب وتلفيق وتزوير ولا يمت للواقع بصلة.. الفن وتحديداً السينما تشكل خطورة كبيرة على اسرائ*يل، لكونها توثق حقيقة هذا العدو الغاشم، قضيتي بـ”جنين” تحولت في السنوات الأخيرة لقضية جماهيرية وقضية رأي عام وحريات تعبي،ر بعد أن وثقت بالفيلم الّذي أخرجته شهادات حية لسكان المخيم الذي عاينوا الحرب، وبعد أن خضت نضالًا لمدّة ما يزيد على 19 عامًا في المحاكم .
