كتبت/ جيهان عبد اللطيف بدر
فيلم البرازيلى “طنين الأذن” للمخرج جريجوريو جرازيوسي ليس مجرد قصة عادية ولكنه دراما رياضية نفسية من البرازيل تستحق اهتمامًا خاصًا يحكي الفيلم قصة مارينا ، التي تتنافس هى وزميلتها معاً كفريق زوجى فى مسابقة رياضة الغطس للحصول على جائزة فى أوليمبياد طوكيو ولكنها تعانى من “طنين الأذن” ، وهو صوت رنين لا يطاق في الأذنين يجعلها تتوتر أثناء ممارستها التدريبات حتى تضطر للتوقف عنها .. منذ اللحظة الأولى للفيلم يظهر حب مارينا للغطس فى مشهد تظهر فيه وهى طفلة صغيرة تحلم بأن تصبح ” عروس بحر” تغوص وتلهو فى الأعماق ، وذلك يعكس مدى الصراع والحزن الداخلى الذى تعيش فيه بسبب الطنين الذى يؤرق عليها حياتها ويبعدها عن أجمل شىء مغرمة به وهو الغطس. على سبيل المثال ، تظهر مارينا مع رفيقتها فى اللعبة وكأنها تغرق في سلسلة من الغطس فى صورة مثيرة رائعة تبدو فيها السماء حمراء وكأنه حلم به الرعب الخفي الذى تشعر به داخل نفسها خوفاً من فقدان أهم حب فى حياتها ” الغطس” .
قد نظن فى بداية أن أى شخص يمارس رياضة الغطس ويقف على الحافة متزناً ويتحكم فى جسده للقفز من ارتفاع 10 أمتارهو شخص متزن جداً يستطيع التحكم فى جسده وأفعاله ، ولكن نكتشف أن مرض مثل ” طنين الأذن” كاف لفقدان هذا الشخص سيطرته على نفسه وقت سماع الطنين الشديد وقد يكون جزءاً من عملية فقدان السمع ، فهو مرض قد تكون أحد أسبابه الرئيسية ضغط الحياة في مدينة كبيرة صاخبة مثل مدينة ساو باولو التى تعيش فيها مارينا أو نتيجة ضغط الأشخاص المحيطين بالمريض عليه وعلى أفعاله.فى حالة مارينا نجد على سبيل المثال فى مشهد حاسم يجادل زوج مارينا طبيبها ويخبره أنها بعيدة تماماَ عن العودة إلى الغطس ، حب حياتها بسبب مرضها فارضاً سلطته عليها كزوج خاصة أنه يرغب فى انجاب طفل مما يزيد الضغط النفسى على مارينا والتى ترفض أن تكون ضحية للمرض والزوج وترفض التخللى عن حلم حياتها بالفوز بالمسابقة والحصول على الجائزة الكبرى .
تخضع مارينا للعلاج النفسى الجماعى وتتأثر لكلام رجل عجوز فى جلسة العلاج يقول أنه فى كثير من الأوقات يقدم على وضع القلم فى أذنيه ليصبح أصم ويرتاح من صوت الطنين فى أذنيه … ورغم أنها تواسى الرجل إلا أن كلامه يظل يتردد داخلها .تضحي بنفسها من أجل إعادة الاتصال بقيمها ومعتقداتها الشخصية. بدلا من التصرف كما يتوقع المجتمع.
استطاع المخرج جريجوريو جرازيوسي من خلال اللقطات القريبة خاصة فى لحظات القفز من أعلى إلى الماء أن يظهر مدى براعة مارينا ورفيقتها فى آداء الحرات المطلوبة للمسابقة فنشعر بمدى خسارة مارينا إذا تخلٌت عن الغطس بسبب مرضها .. كما أن آداء الممثلة ” يوانا فيرونا ” فى دور مارينا مقنع جداً وممتع خاصة مع نهاية الفيلم عندما تضع القلم فى أذنيها لتصبح صماء وتستطيع أن تفوز بالجائزة الكبرى دون سماع الطنين ثم يصبح المشهد أكثر تأثراً عندما تضحك وتبكى فى ذات الوقت فعى ترى فرحة الفوز فى عيون رفيقتها وهى تحتضنها ولكنها لا تسطيع سماع التصفيق الحاد لأن الدم يسيل من أذنيها دون أن يغرف أحد بما ضحت به من أجل الفوزوإسعاد رفيقتها التى عانت معها كثيراً حتى وصلا للجائزة الكبرى .. قد يبدو للوهلة الأولى “طنين الأذن” وكأنه فيلم رياضي ولكنه فى الحقيقة فيلم يعبرعن التضحية من أجل تحقيق أحلامنا … إن المعركة مع عدو الذي يعيش داخل أنفسنا أصعب من المعركة ضد العدو الخارجى .