الإثنين , نوفمبر 25 2024

المخرج رضا الباهي:” محبة الجمهور تكفيني ولا تهمني الجوائز”

نفلاً عن/ اندبندنت عربية / حوار/ هنادي عيسى

رضا الباهي مخرج وكاتب ورائد من رواد صناعة السينما الجادة في تونس والعالم العربي. فنان مشغول بقضايا وطنه وأحوال المجتمع والناس. تدخل كاميراه الأماكن المحظورة وتطرح كثيراً من القضايا الشائكة والإشكالية، وتحصد أفلامه الجوائز، وتثير كثيراً من الجدل والنقاش. وآخر فيلم له “جزيرة الغفران” الذي عرض للمرة الأولى في مهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ44 لم يحصل عنه على أي جائزة، وقال لـ”اندبندنت عربية” إنه مع مرور السنوات لم يعد يهتم للجوائز، بل همه تقديم سينما ترضي وجهة نظره. حبه للسينما المصرية واعتبار نفسه “نصف مصري” كانا بمثابة الدافع الأول له لعرض فيلمه في المهرجان ضمن المسابقة الدولية للأفلام الروائية الطويلة.

حول فكرة التعايش وتقبل الآخر تدور قصة فيلم “جزيرة الغفران” في وقت يحتاج فيه الجميع إلى تذكر هذا الأمر كما يرى الباهي، “كانت الفكرة موجودة في رأسي منذ عام 1992، ومررت بعديد من التغيرات التي صاحبت عملي ورؤيتي للأشياء بشكل أكثر عقلانية. ولعل الفكرة الأساسية التي أردنا توصيلها هي قبول الآخر والتعايش السلمي، وهذا الأمر أصبح ضرورة قصوى، ونحن اليوم بحاجة إليها، ولا بد لنا من وقفة مع أنفسنا لنتعلم كيفية تقبل الرأي الآخر والمخالف”..

ويضيف، “جاءت في التاريخ فترات مظلمة كانت سمتها الأساسية رفض الآخر، لكن هناك فترات تميزت بالسلام والتآخي بين أبناء الشعب الواحد. وأنا أضرب مثالاً بمدينة الإسكندرية التي كانت في وقت ما تشهد معايشة بين المصريين واليونانيين والإيطاليين والفرنسيين والمسلمين والأقباط واليهود. كان كل هؤلاء يعيشون بعضهم مع بعض بلا مشكلات. وجزيرة (جربة) في تونس ينطبق عليها الأمر نفسه، وهذا ما جعلني أصور فيلمي فيها”.

فكرة الفيلم كانت موجودة في رأس رضا الباهي منذ التسعينيات، فما التغيرات التي طرات عليها؟ يقول، “وقتها كنت شاباً صغيراً، ولديّ اندفاع كبير، وكنت أرى أن الفيلم السياسي لا بد أن يقدم بقوة، لكن مع مرور العمر غلبت صفة النضج والتعقل والرزانة على شخصيتي، وأصبحت أزن كلماتي، وأصبح الإيقاع أبطأ، وليس متهوراً كما في مرحلة الشباب. وفكرة رفض الآخر تأخذ أشكالاً كثيرة. أنا سعيد بالاستقبال الذي رأيته من الجمهور الذي حضر العرض الأول للفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي، وهو استقبال يتماشى مع طبيعة الفيلم لأنه صادق، والصدق يقابله الآخر بمثله”. ويشير إلى أنه صور الفيلم في ستة أسابيع على مدار عام ونيف في جزيرة جربة، “راعيت وجود كلوديا كاردينالي التي تمثل في الفيلم بسبب السن، وقد توقف التصوير مرتين الأولى بسبب تفشي فيروس كورونا وأخرى عندما توليت رئاسة مهرجان “أيام قرطاج السينمائية”.

ويؤكد أنه لا يشغل باله بالمنافسة معتبراً أنه حصد نحو 27 جائزة من مختلف المهرجانات العالمية التي شارك فيها منذ عام 1971، ومنها مهرجانات “كان” و”فينيسيا” و”تورونتو”، بينما الآن يسعى فقط لمعرفة آراء زملائه الفنانين تجاه ما يقدمه مثل محمود حميدة وعبدالعزيز مخيون وغيرهما. ويقول، “السينما المصرية تعني وجدانياً لي كثير، فأنا أعشق هذه السينما، وأتابع الممثلين المصريين فرداً فرداً. وعملت مع عمالقة السينما المصرية مثل كمال الشناوي وليلى فوزي ومحمود مرسي. وكان صديقي المقرب الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي، وكذلك أقرب أصدقائي من النقاد سمير فريد وسامي السلاموي وعلي أبو شادي، وغيرهم. كنا نتقابل معاً في مصر وتونس ولبنان، وأنا أعتبر نفسي نصف مصري”..

مع الزميلة هنادي عيسى

 

ويقول إنه يقوم باعمال فنية عما يخالجه هو نفسه من مشاعر، “كل أفلامي التي نفذتها كانت تحت الإلحاح الداخلي وحاجة إلى إخراج ما هو في داخلي”. وعن سبب تقلص جمهور السينما يؤكد أن “العولمة اخترقت الأماكن كلها، فبدلاً من تجديد صالة سينما مهترئة يبيعها صاحبها ويأتي من يجدد المكان ويحوله إلى محل لملابس أو ما شابه. للأسف أصبحت الأماكن تتشابه في العالم كله، وهناك أسباب أخرى كالقرصنة في السوق وبيع الأفلام على الأشرطة المدمجة”. إلى أين نحن ذاهبون؟ يجيب، “أصبحت البرامج التفزيونية التي تقدم نقاشات بيزنطية هي الطاغية، والإنترنت أقفل الأبواب أمام المجالس الأدبية والفكرية بسبب الإرهاب الفكري، وانحصر جمهور السينما المتعطش لطرح الأسئلة على المهرجانات. ولحسن الحظ أن السوق الأوروبية مفتوحة للأفلام الجيدة ذات المواصفات الفنية المعينة، ولكن هذا غير متوفر لكل الأفلام. فعلى الفيلم الذي يريد أن يشارك في مهرجان “كان” وغيره، أن تكتب عنه الصحافة كي يلقى مساعدة في الإنتاج. ونحن في تونس تدعمنا وزارة الثقافة ونقابة السينمائيين بنسبة 30 في المئة، وتشارك جهات عدة في الإنتاج. فمثلاً فيلمي السابق “زهرة حلب” شارك في إنتاجه إلى جانبي، المنتج اللبناني صادق صباح وبطلة الفيلم هند صبري”. ويقول، “السينما التونسية في خريطة السينما العالمية غير موجودة، أما السينما المصرية بمواصفاتها ولهجتها وبأفلامها التجارية والجدية فلها سوقها العربية، وكل عائداتها تأتي من العالم العربي. والفيلم الجيد إن كان تونسياً أو لبنانياً أو فلسطينياً، فهو في المرتبة نفسها والظروف هي التي تلعب دورها في ترويجه، وربما لسبب سياسي أو زلة يقع فيها المخرج وما شابه، لا يتبناه أحد”..

في تقييمه لمساره السينمائي يوضح، “لا أعتقد أن المرء يرضى تماماً، لأن في المسيرة تعثرات كثيرة، وفي السينما الخاصة بالمغرب العربي أعد نفسي محظوظاً لأنني قدمت أكثر من 10 أفلام، بينما غيري وصل إلى فيلمين أو ثلاثة في مسيرته. أعتبر أني وصلت إلى هذا لأنني اعتمدت على الإنتاج المشترك والغرب، وعلاقتي بالشرق منذ السبيعينات متواصلة، مع السوريين واللبنانيين والمصريين”.. وأخيراً يتحدث عن منصات العرض مثل “نتفليكس”، “أرى ثمة خطراً، إذ سبق وأقمنا في مهرجان قرطاج السينمائي ندوة عن تأثير المنصات، ووجدنا أن لديها تأثيراً سلبياً على مشاهد السينما، إذ باتت النصوص معلبة في أفكار محددة”.

شاهد أيضاً

رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي حسين فهمي:”متضامنون مع الشعببين الفلسطيني واللبناني، ومن حقنا أن نبرز قضايانا للعالم من خلال المهرجان”

النجم #حسين_ فهمي_ رئيس_ مهرجان_ القاهرة_ السينمائي_ الدولي في دورته الجديدة التي ستقام بين 13 …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *