حوار/ ابتسام غنيم(من الارشيف)
(هذا الحوار اجريته قبل سنوات ونُشر حينها في مجلة نادين وجريدة الشرق، واليوم أُعيد نشره في elmaw2a3.net لاهميته)
عرين العمري ممثلة فلسطينية عرفت من خلال افلام تطرقت للقضية من منظور فني بحت، وآخر هذه الأعمال كان فيلم “تذكرة إلى القدس” الذي أخرجه زوجها رشيد مشهراوي ولعبت فيه دور الممرضة سناء، التي تترك مخيم عين الحلوة وتعود إلى القدس المحتلة، ومع ذلك تظل متمسكة بارضها وترفض الهجرة الى كندا..عرين التي تقيم في رام الله بيننا زوجها في فرنسا وابنهما في الناصرة مع جديه، أكدت ان قسوة ظروف الحياة في فلسطين المحتلة بلغت ذروتها لن تجعلهم – كشعب وممثلين- يتنازلون عن قضيتهم وحقهم المسلوب وان الأخيرين، اي الممثلين يخدمون قضيتهم من خلال “مركز الفن للإنتاج السينمائي” في فلسطين حيث يدربون هواة الفن من الشباب والشابات، كما انهم في صدد انشاء مشروع سينما مهرجان خاص بالطفل خصوصا انهم حتى اليوم لا زالوا يتنقلون بين القرى والمدن المحتلة لعرض اعمالهم حتى يتمكن الفلسطينيون مشاهدتهم ولو مرة كل شهر أو شهرين..مع عرين التي التقيتها في القاهرة كان الحوار الآتي الذي بدأته بسؤالي عن كيفية عرض أعمالها ما بين المدن المحتلة في فلسطين وعن الصعوبات التي تتعرض لها فقالت:
-بلا شك اتعرض للصعوبات وخصوصا في التنقل حيث الحواجز والتفتيش، لا سيما التي من المستحيل ان نصل إليها بعد تقسيمها من جانب الجيش الإسرائيلي.* هؤلاء الهواة هل تشعرين انهم يملكون طاقة فنية حقيقية ام مجرد تنفيس عن مأساتهم؟ -عمليا يشعرون ان بفلسطين لهم مكان يظهرون من خلاله موهبتهم، ولا ننسى اننا نعاني من قضية الحظر خارج فلسطين، إذ اننا لا نملك اية وسيلة للاتصال بين السلطات الفلسطينية والاحتيال الإسرائيلي او اية جهة يمكنك التعامل معها حتى تستطيعي العبور. حتى الجامعات تفتقر إلى التدريب مثل “بير زيت” وغيرهما وعمليا هذه الجامعات متوافقة الآن.. * ماذا عن “تذكرة إلى القدس” الذي عرض في مهرجان القاهرة؟ -هو ثالث عمل لزوجي المخرج رشيد مشهراوي، يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ولحسن حظي ان العمل هو الثالث الذي اشترك فيه كمنتحة منفذة إضافة إلى البطولة إذ اجسد دور لاجئة في عين الحلوة، تعود إلى إحدى المخيمات في رام الله، فتعاني من صدمة وتسأله في إحدى حوارات الفيلم قائلة “في عين الحلوة كنت انتظر العودة إلى الوطن وحين عدت رحت أتسائل مجددا إلى ماذا عدت؟” تعاطفت كثيرا مع الشخصية واحببتها وتفاعلت معها لأنها قوية ومستقلة.
*برأيك هل يأخذ الفيلم الفلسطيني حقه في المهرجانات؟ -الفيلم الفلسطيني موجود في زمان السينما الفلسطينية، والتي بدأت منذ السبعينات والمشاركة في المهرجانات مهمة كثيراً، انا كنت في عرض النقاد عقب عرض الفيلم وكانت ردود الفعل عليه جيدة، لكن بصراحة كان هناك بعض النقد تجاه مشاهد القتل التي تطرق اليها الفيلم.. *لكنه الواقع الذي تعيشونه وترونه يوميا ؟ -صحيح، الكل يشاهد الاخبار ويقرأ ما تنقله وكالات الانباء لكن الشعب الفلسطيني هو الذي يعاني نفسيا بمحاولة قتل روحنا المعنوية، ولو حتى من خلال احتلال منازلنا او فرض الحصار كل هذا الحقد المزاجي يولد بداخلنا تلك المأساة، التي تظهر في أعمالنا من خلال تصوير همجية هؤلاء الصهاينة الجبناء.
*في لبنان لم ينل العمل الفلسطيني حقه كما في السابق؟ -صحيح وهذا يعود إلى كيفية تأمين التواصل على الاصعدة كافة، وبرأيي ان الإنتاج اللبناني أيضا قليل جدا مثل الإنتاج الفلسطيني. * في السابق قدم ممثلون لبنانيون أعمالا عن فلسطين مثل المخرج غاري غريتيان الذي قتله الموساد؟ -صحيح وقيل يومها انه احتكاك بالاسلاك الكهربائية، لكن اليوم نرى تعتيما غير مقصودتً، ربما لان الإنتاج اللبناني الفلسطيني كان مشتركا في السابق. * هل شاهدت فيلم “المتبقي”؟ -لا لكن سمعت عنه، هناك أيضا فيلم “المخدوعون” الذي قام به مجموعة من مصر.
*وماذا عن الأعمال السابقة التي تناولت القضية؟ -سمعت وقرأت عن نداء الدم وأعتقد أن كل إنتاج يخدم القضية وفيه تجسيد صادق تحاول إسرائيل قمعه او تشويهه.. * هل تعرضت لمثل هذه المواقف؟ -تعرضنا إلى مواقف بتوقيفنا على الحواجز حيث الانتظار والتفتيش والتحقيق وتعطيل أعمالنا يعني مثلا المسافة من القدس إلى رام الله مدتها عشر دقائق اليوم أصبحنا نجتازها بثلاثة عشر ساعة، أليس هذا عذابا أيضا يمارسه الاسرائليون الذين يأخذون بطاقاتنا ويدققون فيها طوال تلك الفترة حتى نستطيع العبور؟
*ما رأيك بما قاله يوسف شاهين حول صداقته لمخرج يهودي من أن الديانة شيء والصهيونية شيء مختلف؟ -بالنسبة لي ليس لدي اية مشكلة في ان يكون لاحد صديق يهودي لكن انا أرفض مثل هذه الصداقات برغم إيماني من أن الإنسان إنسان. *هل شاهدتي فيلم “١١ أيلول” لشاهين؟ -لا آخر عمل شاهدت له هو “المصير”. *ما رأيك فيه؟ -أحببت جزءا كبيرا من العمل لكن شعرت في مشاهد عدة ان شاهين يعمل لصالح الغرب اكثر منه للشرق،لا سيما مشهد حرق مكتبة ابن الرشد، لكن هذا لا ينفي ان يوسف شاهين مخرجاً كبيراً ومهماً.
*ان عرض عليكي العمل معه هل توافقين؟ -“معقول ليش لأ”، شرط أن يكون مضمونه مطابقا لشخصيتي كفنانة فلسطينية، وبالتالي يساعدني على أن اتطور كممثلة وأقدم رسالة تخدم قضيتي. * اكثر ما يضايقك بشكل عام؟ كفنانة يهمني ان يشاهد النجوم العرب أعمالنا لدى عرضها في المهرجانات، إذ أشعر والمس تضامنهم الحقيقي معنا اكثر مما يسعدني في حين اشاهدهم يغنون للشهداء ويتبروزون امام عدسات المصورين.. يعني كان يسعدني كثيرا ان يقبل النجوم بمشاهدة فيلمي “تذكرة إلى القدس” لان هذا هو التضامن الحقيقي اكثر من انشاء خطابات لها اول وليس لها آخر. لكني في الوقت نفسه مع الأعمال التي قدمت عن فلسطين وكانت ترفع الروح المعنوية لدى الشعب المقهور. نحن نشعر في مرات كثيرة اننا وحيدون برغم يقيننا ان الشعب في العالم العربي صادق تجاهنا ومتتضامن معنا، لكنه للأسف غير قادر على فعل اي شيء وتضيف رأينا بعض التظاهرات هنا وهناك لكن ذلك لا يغير شيئا، المفروض ان نحرر نحن ارضنا ولبس غيرنا.
*ما زلت تأملين بتحرير الأرض؟ -طبعا بالرغم ان الامر صعب لكن الإتفاقيات التي حصلت كلها فاشلة واعتبرها إتفاقيات استسلام وليس سلام، كما من أوسلو وهلم جرا، لانه في رأيي هذا ليس السلام الحقيقي ابدا ما دام هناك أطفال وشباب يستشهدون وبيوت تهدم واراضيهم تغتصب.. *ما رأيك في أفلام ناديا الجندي مثل “مهمة في تل أبيب”؟ -بصراحة لم احب هذه الأفلام..
*لماذا؟ -لا أعرف لكني لا احب هذه الأعمال لسبب انها لا توصل لي رسالة معينة وبشكل واضح وصريح، هذا كل ما في الأمر. واتكلم هنا من موقعي كمشاهدة وليس كفنانة او ناقدة.. *هل فكرت في تقديم قصة حياة إحدى المناضلات او اللواتي قمن بعمليات استشهادية؟ -طبعا وتستهويني كثيرا الشهيدة سناء محيدلي التي كانت أول فتاة قامت بعملية استشهادية. *وماذا عن المناضلة سهى بشارة؟ – احترمها كثيرا واقدر جهادها وتضامنها مع القضية اللبنانية خصوصا والفلسطينية والعربية عموماً.