حوار/ ابتسام غنيم(بيروت)
*لأنك ممثل بالسليقة هذا سر نجاحك الذي يتصاعد يوماً بعد يوم؟
-من طفولتي أُحب الفن الى أبعد حدود، والدي كان لديه اصدقاء يعملون في دور العرض بلبنان، حيث كان يستقدمون الافلام العربية ويعرضونها بالسينما في بيروت، ولا زلت أذكر أن أول فيلم حضرته ليلة الافتتاح وأنبهرت به هو ” الرسالة” وذلك قي سينما “حوا” قرب منزلي مباشرة، ومن شدة تأثري بالفيلم حفظت الحوارات، وكنت أجسد في صالون بيتنا شخصية حمزة أسد الاسلام التي قدمها الكبير الراحل عبدلله غيث حينذاك، كما كنت أذهب الى دور العرض في منطقة الحمرا وأشاهد الافلام الاجنبية، ومن هنا أكتشفت مدى شغفي بالفن، لكن الاهل كان لهم وجهة نظر وهي أن الفن ” ما بطعمي خبز بلبنان”، كما كنت اتمتع بهواية اخرى وهي لعب الفوتبول، وبالفعل لعبت بعدة أندية، وايضاً كان رأي أهلي أن الفوتبول لن يؤمن مستقبلي، فكان أن انتسبت الى معهد لتعليم هندسة الميكانيك لكني كنت لا اداوم، لم أكن مُتحمساً لها، واحياناُ كنت لا أحضر الدروس، ومرت الايام وبالصدفة مثلت مسرحية للاطفال بعنوان” العروس والحرامي”، بعدها التقيت يصديقي وكان يُحضر لمشروع تخرجه فشاركته به وذلك في جامعة الـbuc وهنا كرت السبحة وصار المتخرجون يطلبون مني أن أمثل في البروجيه الذي يحضرونه للتخرج، لدرجة ان الاساتذة ظنوا اني ممثلاُ بالفعل، وهنا كان القرار أن أُنمي موهبتي التي بالسليقة بالدراسة أكثر، وأن أسلك طريق الفن الذي تعلقت به جداً.
*تمثيلك يوصف بالسهل الممتنع؟
-المدرسة الاضخم والاهم بالاداء هي المدرسة التلقائية، بالطبع التمارين المستمرة مطلوبة والمتابعة كذلك، لكن كل شخصية يجب أن نعطيها حقها ببساطة من دون زيادة أو نقصان بالاضافة الى آفاقها، اذ تلك الشخصية حتماً تمر بلحظات فرح ومأساة وسايكولوجية احياناً.
*تستحضر لحظات معينة من حياتك لتقدم مشاهداً تتطلب منك مفزى وعمقاً حقيقياً؟
-التمثيل لعبة، وانا كممثل بعد قراءة الشخصية والتعمق بها وبأبعادها التفسية ودراستها جيداً، افكر ماذا سأضيف لها من ذاتي وادواتي، واستحضار مواقفاً معينة أمر بديهي كثر من النجوم يحذونه..(ويتابع) يوجد فنانون يقدمون مشاهدهم بشكل عادي، وهنا يكون الانتقاد من أنهم يحفظون أدوارهم ويصورونها، وهنا أشرح لمن ينتقد أن الممثل يؤدي الدور كما هو مكتوب بالنص أي أداء تقني، بينما الغوص في أغوار الشخصية يجعل الممثل يصل الى الكمال.
*تلعب على المخزون الذي بداخلك لتبرز موهبتك الفطرية أكثر؟
-” مش غلط، الحياة فيها اللعب والتكاتف لنصل للأنجح والأجدى”، لكن بكل الحالات أبذل جهداً كبيراً حتى أظل عند حسن ظن جمهوري، وحتى أرضي الفنان الذي يعشق التمثيل يداخلي.
*فنانون كثر يتقمصون الحالة ويعيشونها، وآخرون يخرجون من شخصية ويدخلون بأخرى.. علي منيمنة الى أية فئة تنتمي؟
-سهل جداً أن أقدم دورين مختلفين بنفس التوقيت، لا أحب النمطية، وفكرة التقمص التي ترافق الممثل حتى بعد انتهاء المشهد لا أعيشها، وبالتالي لا أترك رواسب الشخصية بداخلي،(وعلى فكرة ولا مرة مثلت اكثر من عمل بنفس التوقيت”.. الا هذه الفترة حيث اني كنت مرتبطاً بعمل بعنوان” من الى”.
*في ” رصيف الغربا” كنت الشرير الظريف الذي يُذكرنا بتوفيق الدقن ومحمود المليجي واستيفان روستي؟
-الدور عُرض على غيري أول الامر، اذ انه لشخصية تتطلب مرحلة عمرية معينة(تصغر مني)، وفي ” الكاستينغ” لم يتوصلوا للنتيجة المرجوة، فأرسلوا بطلبي، وكان أن عملت الكاركتير بالسوالف القميص المفتوح “يعني ستايل قديم وشرير”، ونجحت والحمدلله، والناس صدقت شخصية كمال داود التي لعبتها، وان يكرهوها فهذا يعني أني أوصلت الاحساس المطلوب وهو الشر بصورة عفوية.
*في “للموت2” ايضاً انت شرير؟
-كل شخصيات المسلسل خرجت من رحم الاحزان سواء الشريرة أو المسالمة، ودائماً هناك سؤال يجب طرحه لماذا صارت هذه الشخصية بلا عاطفة؟ نحن في الواقع مسالمون ونحب الخير، لكن على الشاشة نتحدى انفسنا وننقل واقعاً موجوداً وشخصيات تعيش في كل المجتمعات،(يضحك ويعلق) ولقب الشرير لا يزعجني فكبار الغمالقة بالفن العربي برزوا بالادوار النافرة والشريرة.
*تتعاون مع كل شركات الانتاج؟
-طبعاً، الكل فيهم الخير والبركة واحبابي.
*وماذا عن تجاربك في مصر؟
-كانت لي تجارب عدة قبل سنوات، لكني اليوم موجوداً اكثر في لبنان، وطبعاً لو عُرض غليّ دوراً مُهما وله هدفاً سأوافق، يعني مثلاً عندما مثلت ” الزيبق” كان معروضاُ علي دوراُ كبيراً، لكني كنت مرتبط بمسلسل ” كل الحب كل الغرام” فحللت كضيف شرف بدور محوري ومهم، خصوصاُ ان العمل برمته كان وطنيا ويحكي عن الجاسوسية، وكان يضم نخبة من النجوم الذين احبهم مثل كريم عبد العزيز وشريف منير،(ويُعلق) لا يهمني الا الورق الجيد والحبكة القوية.
*يعني مع النوعية على حساب الكمية؟
-بالظبط، الدور القوي يرسخ بالوجدان لو كان مشهداً واحداً، وعمالقة كثر قدموا مشاهداً قليلة بأعمال كبيرة ونالوا عنها تكريمات وجوائزاً.
*ما الاعمال التي تشاهدها حالياً؟
-كتبت ورقة بالمسلسلات التي سأشاهدها بعد رمضان وهي ” كسر عظم” للمخرجة رشا شربتجي،” مع وقف التنفيذ”،”العائدون”، “الاختيار3″ وهنا أهنأ النجم ياسر جلال على تقمصه شخصية رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، حيث اداها بهدؤ وبأحساس قوي، ومثل هذه الخطوة اعتبرها تحدٍ مع نفسه كونه قدم شخصية رئيس جمهورية لا زال حياً وواكب الاحداث التي حصلت حينذاك أبان الثورة وبظل حكم الأخوان، أي قبل أن يعتلي منصب رئيس الجمهورية، ايضاً سأشاهد ” بطلوع الروح”، وأنوه أن المنصات عادت على الممثل بفائدة جيدة للغاية وهي التواجد الدائم، كما أن كل الاجيال تشاهدها.
*الدراما اللبنانية ينقصها الدعم من الدولة؟
-لبنان كله ينقصه الدعم، اين الطحين والخبز والكهرباء والمال وكل مقومات الحياة؟ لكن قلة من يدركون ان الفن يدر علينا الثقافة والمال والفن اللبناني لا يعوض.
*الفنان المرهف يعيش حالات مزاجية لو قلّ عمله أو تأثر بالوضع الراهن؟
-دائماً أقول الحمدلله، وما كتبه لي رب العالمين سأناله لا مُحال، ومقتنع وسعيد بما حققته، وبعيد كل البعد عن الاكتئاب والمزاجية، كما اني واثق من قدراتي جيداً علماً أن العمل بالفن والاستمرارية أمراً ليس بالسهل، لكني اجتهد وأتعب على نفسي، ولا علاقة لي بالمحسوبيات ولا الشلليات، الكل احبابي واتعامل معهم سواسية وأصفق لنجاح الكل.
*متى سنراك بعمل كوميدي مثل شخصية ” المعلم نور” في ” بدل عن ضايع”؟
-المعلم نور عرض بتوقيت ربما لم يكن مُناسباً ولم ينل حقه كما يجب، فأحبطني، وطبعاً الكوميديا تعنيني شرط أن يكون النص قوياً ويحمل وجهة نظر ومتعة وبسمة في آن.
*السيرة الذاتية التي تتمنى تجسيدها؟
-أُحب السير الذاتية كثيراً، لكن ليس ببالي شخصية معينة بالتحديد..(ويضيف) والفتك انه في كل عمل قدمته الشخصية التي أُجسدها موجودة بحياتنا، كما المعلم نور الذي يوجد مثله تماماً ويحمل نفس الاسم ايضاً.