حوار/ ابتسام غنيم(القاهرة/ من الارشيف)
صلاح الشرنوبي من الملحنين الكبار القيمين ليس في أعماله فحسب بل بآرائه الصريحة وتصريحاته النابعة عن ثقافة ونضج فني تميّز به طوال عمله بالفن.. معه بالقاهرة كان اللقاء التالي الذي سجلته قبل بضعة اعوام على قسمين ونشرنه حينها في مجلة “الجرس” واليوم أُعيد نشره في elmaw2a3.net بخانة الارشيف لانه من الحوارات القيمة التي أعتز بها.
*شتقنالك أستاذ صلاح..
– والله أنا اللي مشتاقلكن كتير كتير(يقولها باللبنانية ويتابع)،لا أنسى فضل لبنان عليّ بأستضافتي ببرامجها وأيضاً فضل الأستاذ سيمون أسمر عندما أختارني لأكون ضمن لجنة تحكيم برنامجه الشهير(ستديو الفن)
*لجان تحكيم برامج الهواة أختلفت اليوم عما كانت في(ستديو الفن)؟
– (الدنيا متلخبطة والحياة الفنية تغيرت طقوسها)، لم يعد يوجد أستقرار بالغناء العربي، وهذا مما دفع بظهور موجات وتيارات ومدارس كلها متأثرة بالحالة الغربية أكثر،من هنا صرنا نفتقد للقيمة الشرقية وأن كنت مع المدارس العصرية لكن يوجد أشياء أختلفت حيث صار للشباب مفهوم آخر عن الغناء، سترين التغريب هو السائد، وأقصد بأختفاء المقامات الشرقية لتحل مكانها المقامات الغربية بشكل متغلغل بفظاعة.
*لكن المقامات الغربية يُمكن تشريقها؟
– لا،المقامات الشرقية أساسها مقامين وهما(المينيجور والمينور)، لكن أحساس الطعم الشرقي أُفتقد تماماً، لذا أطلق على بعض أغنيات اليوم(الأغنية البلاستيكية) كونها بعيدة عن الصناعة المحلية الأوريجينال، هي أغنية بديلة لا تخصنا كعرب،ومصر أكثر بلد متفوقة في هذه الفترة بتصنيع ألأغنية البلاستيكية للأسف،لذا لن يكون المناخ الغنائي عندنا بخير على الأطلاق، أذ أضحت ألأغنية الشعبية غير المقبولة كلاماً ولحناً متغلغلة بشكل غير طبيعي ببعض القنوات الفضائية بالأضافة للأغنية البلاستيكية،وهذا ما يسمعه قلة من الناس فقط، حتى اليوم الذواقة تُقبل على أعمال مهمة قُدمت قبل لسنوات لي ولغيري من زملائي الملحنين مثل(كلام الناس)(وحياتي عندك)(بتونس بيك ) وغيرها.
*والحل؟
-(ما أعرفش) في مصر بعد ثورة 25 يناير بدأت تختفي ملامح الأغنية، فهل سيكون هناك رقابة على المصنفات الفنية كما كان يوجد زمان حيث كان يوجد شرطة مصنفات تكبح جماح الخارج عن المألوف وأقصد البلطجية بالفن التي أضحت سائدة اليوم ؟وايضاً يجب أن يكون لوزارتي الثقافة والأعلام دوراً فعالاً في ضبط البلطجة الفنية
*أنتم الملحنون مطالبون أيضاً بأحداث ثورة فنية للقضاء على البلطجة الحاصلة اليوم؟
– (تعالي نحسبها كويس)، اليوم لا يوجد قاعدة كما كان في السابق وأقصد حتى فترة التسعينات حيث كان الفن الشرقي بخير، عندما أتت موجة بفترة معينة في بداية الألفية الثانية تصدينا لها، انا كصلاح الشرنوبي كنت أقدم فني القائم على مدرسة الوتريات كما سماها المخرج سيمون أسمر كون أعمالي كانت تجمع مابين الشرقية والعصرية، ما أقصدة أننا مع التجدد والتطور وليس البلطجة، وحينذاك كان المناخ مختلفاً ويسمح لنا أن نرد على الهوجات بأعمال قيمة يقدمها نجوم الغناء،اليوم الكل بات يجمعهم قاسم مشترك وأعمالهم متشابهه فما تغنيه آمال ماهر يشبه أعمال شيرين و أنغام وسميرة سعيد(الكل شبه بعضو مافيش تميز)
*على من الحق؟
– عليهم وعلى الأنتاج والفضائيات التي يجب أن تشجع على تقديم الجيد الراقي كون تلك القنوات يملكها المنتج صاحب الرأسمال الذي يريد أن يجمع أموالاً، فيتّبع طريقة(الي تغلبوا تلاعبوا) فيواكب الموجة السائدة، اليوم ابن الرابعة عشرة أحساسه بالغناء توجه للبلاستيك الذي يؤديه البعض، فهو بدلاً من أن يترعرع على أعمال عبد الحليم أم كلثوم وعبد الوهاب ووردة وذكرى نشأ على ألغناء البلاستيكي،(ويضيف) أعمل بالفن منذ 22 سنة لو حينها ولد طفلاً فسيكون عمره من عمر أغنيتي(بتونس بيك) وللأسف القليل جداً من جيل الشباب يتذكر أغنية(بتونس بيك) وتحديداً في مصر
*لكن شيرين تقدم أعمالاً جيدة؟
– اوكي(بس برضو كان لازم تحافظ على خط ذكرى مثلاً) وماجدة الرومي
*ماذا عن البوم(غزل) لماجدة الرومي؟
– للأسف لم أسمعة لكن من دون أن أسمعه أعلم سلفاً أنها ستقدم فناً جميلاً وراقياً كونها ملتزمة
*اليسا في(أسعد واحدة)؟
– أحب اليسا وانت تعلمين هذا جيداً، لكن عليها أن تغير من جلدها الغنائي.
*لكنك كنت مؤيداً للخط الرومانسي الذي إلتزمت به بالسابق؟
– اوكي هي متفوقة في الخط الرومانسي وبشكل مطلق، لكن أتمنى عليها أن تفتح الباب قليلاً على الألوان الغنائية الأخرى
*لكنها ستكون مغامرة منها؟
-لا أريدها أن تغامر لكن أن تنوع بغية الأمتداد لنفسها، اليسا أجراء من هم في هذا العصر الغنائي وأكثرهم توفيقاً
* ونانسي؟
– (برضو لازم تتوسع في دائرتها الفنية شوية) لأنها موفقة خصوصاً عندما غنت لعزيزة جلال(مستنياك)كان يجب أن تستثمر هذا النجاح لنفسها من خلال تقديم أغنيات من نفس المنطقة والنمط (مش عايزها تكون البنوته الي بتغني للأطفال وبس)ومع ذلك هي متألقة.
*رامي عياش؟
– هايل خصوصاً بالديو مع احمد عدوية(الناس الرايقة) كانت تجربة ممتعة تؤكد على ذكاء رامي الذي يتّبع في أعماله إسلوب ما قلّ ودلّ، يغيب ثم يطل بفكرة متفردة هو بين المطربين الرجال سباقاً وجريئاً دون سواه
*السيدة فيروز كانت تغني اللبناني ولمعت في مصر؟
-لالالا،فيروز(مش بتاعة لبنان) كونها نوّعت بالغناء مع الرحابنة وعبد الوهاب والسنباطي، وحتى باللهجة اللبنانية غنت الرومانسي والجبلي، ومستمع عصر فيروز يختلف عن مستمع اليوم، زمان كان يستمع للأغاني عبر الراديو اليوم الفضائيات محتلة الساحة وتكاد تكون أفسدت وجدان المستمع الذي يستمع بأذنية وعينية (وما فيش وجدان)
*لم تعطيني رأيك بلجان تحكيم برامج الهواة اليوم والتي يتزعمها نجوم الغناء؟
– (مش عارف خايف أقول الي بقلبي ليزعلوا).
*حلمي بكر قال أن(ستديو الفن) لازال الأول وأن تجربته ببرنامج(صوت الحياة) سبوبة؟
– سأكون صريحاً معك، (ستديو الفن) كان فيه فئات متنوعة الشعر والتقديم والرقص لذا كان من الضروري أن تتعدد اللجان،(يصمت ثم يتابع) تغيرت المسألة بعد برنامج(ستار ميغر) ثم(سوبر ستار) اللذين لم يحققا شيئاً، وقبلهما في العام 2003 كان يوجد (ستديو فن مصر) وللأسف لم يحرز أي نجاح كون الفضائيات كانت قد بدأت تنتشر وصارت طريقة التصوير والأخراج تتغير،بعدها صارت المسألة تتنازل فصار هناك(ستار اكاديمي)و(إكس فاكتر)و(آراب ايدول)و(ذو فويس) و(صوت الحياة) واليوم يعيدون كل تلك البرامج بأجزاء جديدة بالمواسم الحالية، والهدف من كل ذلك تحقيق أكبر ربح لتلك القنوات، المنتج الذي يصرف تلك المبالغ الباهظة على التكنيك والإبهار بغية الكسب من خلال الأضأة والديكور، لذا لا مانع لديه من عدم إستقدام شاعراً للجنة التحكيم أو ملحن كفؤ ليقيما المواهب ويستبدلهما بفيترينة حلوة مثل شيرين وصابر وعاصي وكاظم هذا ما خص(the voice)،وبالنسبة (لصوت الحياة) فلكي يحققوا تنوعاً ما أستقدموا الملحن حلمي بكر كونه شخصية قوية وقاسية ومع ذلك(كتر خيرهم انهم فكروا ينوعوا بحلول ملحن كبير بقيمتو في اللجنة)، اما(إكس فاكتر) سترين أنهم إستحضرو أهم أربع مطربين في الشرق الأوسط وهم اليسا وكارول سماحة وحسين الجسمي ووائل كفوري وعندما سؤال محمد هاني في المؤتمر الصحفي عن عدم إستقدامه مطرباً من مصر لم يعرف أن يرد على السؤال، لذا سأرد نيابة عنه وأقول أنه لا يوجد عندنا مطرباً مصرياً في الوقت الحالي يملك قامة فنية كبرى.
*عمرو دياب؟
– لن يوافق
*تامر حسني؟
– لاأعتقد أنه حقق قامة كبرى
*محمد منير؟
– لا يوافق
*علي الحجار؟
– لا يوافقون وأقصد الأنتاج، هو ليس بقامة اللجنة الحالية لكنه بالنسبة للمستمع المصري هو قامة كبرى حتى لو لم يكن لديه جمهوراً من الشباب ليراه للأسف.
*مدحت صالح؟
– لا يواكب هذا الوضع
*أنغام؟
– ممكن لكن في المقابل قد ترفض لسبب ربما الكل أستفاد من تجربة سميرة سعيد التي وافقت على حلولها بلجنة تحكيم (صوت الحياة) وأنتقدوها على ذلك، وكذلك الأمر بالنسبة لشيرين كون البرنامج لم يضيف لرصيدها شيئاً ،ولست موافقاً على ظهور اليسا في(إكس فاكتور) إذ سيخفض من أسهمها(بصي لنحسبها مين المستفيد؟ هي ستستفيد مادياً، وسميرة سعيد بعد طول غياب ستستفيد من التواجد على الشاشة بشكل دوري، لكل تفكيره الخاص، وبرضو ايه يعني أصالة تعمل برنامج(صولا) ولطيفة(يلا نغني) الغناء لأن ما يحصل اليوم لا يثلج صدريهما، غناء اليوم لم يحقق لهما ما يتمنياه) كملحن انا لا أعرف سبباً لحالة التعتيم الحاصلة على الملحنين في العالم العربي لذا لو ظهري لي شيئاً أتنفس من خلاله سأفكر فية وسأطل من خلاله وقد يكون بعيداً عن التلحين، أي أتكلم عن التراث أو أحلل الغناء، سأتحول إلى محاور أو مذيع أو محلل، الفنان يشعر انه يختنق عندما يتقوقع ومثل تلك الأطلالات تشعره انه خرج من القوقعة.
*سمعت أن خلافاً حاصلاً بينك والكاتب محمود معروف بسبب النزاع على قصة حياة وردة؟
– لا مجرد شائعة، عندما قدمت مع وردة(آن ألأوان) قبل سنوات إتفقت معها على تقديم قصة حياتها بعد ذلك، لكني تعثرت مادياً، بعد ذلك ظهر بعدها محمود معروف كما علمت من الأعلام انه يكتب سيرة حياتها كمسلسل وكنت أفكر بتلك الأثناء أن أجتمع ببعض شركات الأنتاج لتقديم سيرتها، وكانت وردة قد أعطتني الموافقة قبل رحيلها، لكن اليوم لا أعلم أن كان أبنها رياض سيوافق أم سيرفض بعد التجربة التي تمت بيني ووالدته بمسلسل(آن الأوان) حيث تدخله وتشدده الفظيع بأستمرار، لذا قلت لو محمود معروف لديه المقدرة على تقديم حياة وردة فأنا مستعد على التعاون معه وقلت هذا وأكرره عبر صفحاتكم الكريمة
*وردة رشحت كل من آمال ماهر أو أنغام للعب دورها بالعمل فمن تختار أم تفضل وجهاً جديداً؟
– لن تنفع كل من آمال ماهر ولا أنغام بالتمثيل، وأفضل عليهما ممثلة متمكنة من أدواتها وليس وجهاً جديداً.
*مثل دنيا سمير غانم مع الأستعانة بصوت وردة بالأغنيات؟
– (مش عارف) ومنذ فترة طرح إسم شيرين وجدي وكنت متحفظاً قليلاً، لكن صوت وردة سيبقى بالعمل هذا ما هو متأكد منه(ويضيف) المطربة وعد البحري التي قدمت أغنيات اسمهان في المسلسل كانت موفقة جداً، لذا لو وجدت صوتاً يُمثل صوت وردة مع طاقات تمثيلية من خلال ممثلة محترفة(يبقىok)
*تطمئن على حبيب قلبك جورج وسوف؟
-(تدمع عيناه على الفور ويغص صوته ويقول) والله قلبي معصور عليه مش عارف اكلمو وأرسل له عبرك رسالتي هذه أرجو نشرها: (انا بعشقك انت يا جورج من الناس الي ما يتكرروش بالوطن العربي وربنا يديك الصحة يا حبيبي وسمعت انك تسجل أغنية وانك تعافيت واتمنى أن أراك لأنك وحشتني جداً وعايز أزورك وأجيلك ولك مني الف تحية فأنت لن تتكرر يا جورج بحنانك وكرمك وجدعنتك وحبك للناس وشعبيتك التي لن تتهادى)
* عندما تعرضت للخطف وصلتك رسائل أطمئنان كثيرة من لبنان(يرد مقاطعاً)
– فعلاً وأتصالات يومها قلت أني أُحييت من خلال حب الناس، والله العظيم كنت قبل ذلك أفقد الثقة بحب الناس بسبب غيابي لكن أكتشفت اني مازلت حياً بقلوبهم لا سيما اللبنانيين الغاليين على قلبي.