حوار/ ابتسام غنيم(القاهرة)
حين تلتحم الموهبة المثقولة بالدراسة الأكاديمية مع حب الفن واحترام المشاهد يكون الكلام عن شخصية فنية متكاملة لممثل مخضرم أتقن أدواره التي تعددت بين مسلسلات وأفلام كثيرة شارك فيها الفنان شريف خيرالله من مسلسل “أهل الهوى”، “النار والطين”، “الدخول في الممنوع” إلى أفلام مثل” فخ الجواسيس”، “عصر القوة”، “سوق النساء”، “حاحة وتفاحة”، “كلاشنكوف” وغيرها من الاعمال التي بصمت في حياة شريف خيرالله، حياته التي تعددت محطاتها بين النجاح والفرح وتخللها فترة عصيبة أبعدت الممثل القدير عن التمثيل والجمهور لفترة لكنه لم يستسلم وعمل ما بوسعه للحفاظ على تاريخه وكرامته…للحديث عن كل تلك الأعمال والمحطات كان لنا هئا اللقاء مع الفنان شريف خيرالله حصرياً في القاهرة.
*جيلك من الممثلين والمخرجين تعرضتم لزلزال طالت مدنه وظهوركم صار نادراً كيف تُفسر هذا الامر؟
-الزلزال يعود على الناس والمجتمع بتغييرات، لكن الزلزلة التي حصلت في مصر او العالم العربي بالفترة الاخيرة كان قوياً جداً، لانه كان نابعاً من تغييرات اجتماعية وسياسية حصلت بالوطن العربي، ولا سيما مصر كونها هوليوود الشرق، او التي تتصدر القائمة الرئيسية بالعالم العربي، لذا نحن اكثر من تأثرنا، وللأسف ارى ان تلك التغييرات التي حصلت ليست لصالح الفن، من الناحية التقنية والتكنولوجيا هي جيدة للغاية، لكن من جهة الدراما التي تتطرق لها الاعمال سواء في السينما او التلفزيون او المسرح، لم تعد تُعبر عن مجتمعنا، بل من مجتمعات لا تُشبهنا، معظم الاعمال التي عُرضت بالفترة السابقة تدعو للأستغراب، المسلسلات لم تعد تُعبر عن المجتمع المصري او الطبقة المتوسطة البسيطة الموجودة بالشارع، من هنا كان الزلزال قوياً لانه كان نابعاً من مُتغييرات الثورة التي حصلت.
*والسينما تضررت اكثر؟
-بالفعل، ولا تنسي ان الكورونا لعبت دورها، حيث تم اقفال كل دور العروض السينمائية بالعالم وليس في مصر فحسب، والفيلم لا تتم مشاهدته الا في قاعة سينما، ما اقصده ان جزاءً من نجاح الفيلم السينمائي هو دخول السينما واطفاء الانوار حيث يكون المُشاهد في استعداد نفسي لمشاهدة الفيلم والذي يُعبر عن حالة يحبها سواء دراما او كوميدي او اكشن او فانتازيا.
*في هوليوود كلما تقدم الفنان بالسن كلما زاد عليه الطلب، على عكس نجومنا بالوطن العربي بأستثناء فريد شوقي وعادل امام، هل العقلية العربية باتت تعاني من ردة بالثقافة وتعلم الخبرات ام هناك مؤامرة؟
-لا اؤمن بنظرية المؤامرة، الله يرحمو استاذ كمال الشناوي ظل حتى اخر سنوات حياته يُمثل وايضاً الملك فريد شوقي، والزعيم عادل امام اطال الله بعمره، وكثر ظلوا يعملون مثل احمد مظهر وعبدلله غيث ومحمود المليجي وغيرهم من الكبار، لكن ما حصل انه بالفترة الاخيرة هو ” الهدد” نتيجة الزلزال مما أثر على الدراما والفن والفنانين الكبار..
*(اقاطعه واقول) لكن جيلك ظُلم؟
-صحيح، ” الوقفة التي حصلت” كانت سببها ان شركات الانتاج التي كانت تنتج لغاية عام 2016 لم تعد موجودة بعد هذا العام، وكذلك المؤلفين والممثلين والمخرجين توقف عملهم مع توقف نتاج الشركات التي كانت تستعين بها كون الاعمال التي قدمناها معها كانت ناجحة جداً، فكانوا على تعاون متواصل معنا.
*لكن المخرج مجدي ابو عميرة عاد مؤخراً بمسلسل ” قوت القلوب” وحقق نجاحاً كبيراً رغم ان العمل عُرض خارج السياق الرمضاني؟
-المسلسل كان رائعاً للأمانة، ولكن ليس بقدر مجدي ابو عميره وأقصد اين الاعمال الجديدة؟ اين محمد فاضل وانعام محمد علي واحمد صقر، هؤلاء قدموا اعمالاً اثرت بالمجتمع العربي والمصري، وبنت عقليات ووجدان الشعب المصري، مثل مسلسل ” الراية البيضاء” لمحمد فاضل، “المال والبنون” لمجدي ابو عميرة، ” قصة الامس” لانعام محمد علي، وغيرهم ممن قدموا اعمالاً قيمة تركت اثرها الايحابي لدى المُتلقي، وشكلت لديهم حالة وجدانية وفكرية مُتميزة، السؤال اين هؤلاء المخرجون اليوم من الساحة الفنية؟(ويتابع) مجدي ابو عميرة قدمت ” قوت القلوب” بجزئيه خارج السباق الرمضاني ونال نسبة مشاهدة عالية اي شكل سباق رمضاني لوحده، لماذا لم اراه هذا العام يتولى اخراج مسلسل جديد؟ (ويتابع) انا قدمت حلقة واحدة من مسلسل ” النهاية”، ظهرت بها كضيف شرف، وحققت نجاحاً كبيراً لدى المشاهد والنقاد على السواء، حيث ان بعض الاقلام كتبت ما معناه من ان شريف خيرلله قدم مشهد من 30 حلقة لكن هذا جعلنا نشعر ان هذا المسلسل خاص به، لكن بعد هذا المشهد وهذا الثناء لم أُطلب لأي عمل آخر.. لماذا؟ لا اعلم.
*كيف علاقتك بالوسط الفني؟
-جميلة جداً، وكل الشباب الذين يكتسحون الساحة اليوم كنت اساندهم في بداياتهم واشجعهم؟
*مثل من؟
لن اذكر اسماء، ولا اعتبر ان لي فضلاً على احد، الفضل اولاً واخيراً لرب العالمين، لكن عندما اقابل احدهم اليوم وهو يُعتبر بطل مسلسل او فيلم كنت اقول له في بداياته ” انت حتبقى نجم وممثل هايل”، كنت ارفع من معنوياته بقلب كبير تماماً كما كان الكبار الذين سبقوني بقولون لي ويدعمونني،” يعني تشربت اخلاق الفنانين الكبار بالتعامل خارج التصوير”، وهذه الاخلاق العالية تصب في خانة الارتقاء بفننا، ومع ذلك نجدهم اي لهذا الجيل يتعاملون مع الآخر من منطلق لا ارعف كيف أصفه..(ويضيف) يعني مثلاً مثلاً الفنان يوسف الشريف كنت اقابله ببداياته عندما شارك بمسلسل ” السندريلا” وقدم فيلم ” هي فوضى” ليوسف شاهين وخالد يوف، كنت اقول له :” انت ستايل مُختلف ليس موجوداً بالفن المصري وحتبقى حاجة كبيرة وكويسة”، ومع علمت بمسلسله مشهداً واحداً،( بعدها) قدمت خماسية كضيف شرف بعنوان ” اللي خلف ما متش” ،” برضو نجحت كتير “، كونها تتحدث عن مشكلة الارث وكيف ان البنات لا يرثن بعد وفاة الاب، والسوشيل ميديا احبت الفكرة كثر كتبوا عني اجمل الانتقادات ولكن اين السيناريوهات التي من المفروض ان تُعرض عليّ بعد هذا الثناء؟
*ماذا عن المسرح؟
-المسرح يتطلب مجهوداً، وانا احب ان اتطرق من خلاله لمواضيع مسرحية تكون على تماس بالمجتمع، قدمت مسرحية ” يوترن” قبل ثلاث سنوات ونجحت جداً، تحدثت عن العلاقات الانسانية، والحفاظ على البيئة والمجتمع.. كان موضوعاً احببته جداً، بعدها تلقيت عدة عروض لكن للأسف لم تكن بقوته فأعتذرت عنها.. واتمنى بالمرحلة المقبلة ان اقدم عملاً مسرحياً يتحدث عن القضية العربية والتماسك العربي واهميته
*برأيك هل ما زال يوجد تماسكاً عربياً وسط المشاكل التي تعاني منها لبنان وسوريا والعراق وغيرها من الدول؟
-” وسط اللي حاصل ده ووسط المشاكل”، الدول العربية شعرت بقيمة الجار اوالجوار العربي، ” لازم نتكاتف ونمسك بأيدين بعض”، هذا ما اتمناه عملاً يتضمن اسقاطات سياسية وتبيان قيمة التوحد العربي.
*قدمت شخصيات زكريا احمد، ومكرم عبيد.. تُحب السير الذاتية؟
-طبعاً، وقدمت ايضاً شخصية قاسم امين، وشخصية شخصية احمد فتحي زغلول شقيق سعد زغلول، وهذه الشخصية قدمتها وانا في غاية الاستمتاع، لانها مليئة بالتناقضات والغريبة اذ كان يعتقد انه اهم من اخوه سعد الذي كان له جماهيرية كبيرة، علماً اي احمد كان اكثر علماً وثقافة منه.
*دور زكريا احمد قدمه قبلك محمد كامل في مسلسل ” ام كلثوم”، والفنان هادي الجيار قد شخصية مكرم عبيد في “الملك فاروق” بصراحة الم تخف من تكرار تلك الشخصيتان؟
-ابداً، عندما كنت امثل مكرم عبيد، اتصل بي هادي الجيار رحمه الله وقال لي عن تفاصيل دقيقة بمكرم عبيد ومن ان فرصة جميلة وجيدة لتاريخي الفني، لانها شخصية دسمة، هادي ساعدني كثيراً، وايضاً محمد كامل مثلت معه مسلسل ” عفريت القرش” بطولة فاروق الفيشاوي ووفاء عامر، لكنه كان قد توفى قبل ان اقدم الشيخ زكريا احمد، وانا اراه من الممثلين الجبابرة رحمه الله، وانا بطبعي احب ان اقدم الشخصيات المعروفة حتى لو قدمها ممثل آخر من قبلي، اذ احب ان ابينّ ايضاً قدراتي وتمثيلي للشخصية بروح جديدة.
*ملامحك قريبة الشبه من النجم احمد زكي؟
-“حبيب قلبي رحمه”، احبه جداً، كان صديقي وكنا نخرج ونتعشى ونتحدث في شتى الامور، كان طيباً جداً رغم عصبيته اذ بعد عشر دقايق، كان ينسى كل شيء، ” قلبو ابيض زي التلج”.
*دورك بفيلم ” عصر القوة” كان مُلفتاً حيث قدمت شخصية الشرير البريء حدثني عن تلك التجربة؟
-(يضحك ويقول) هذا اول عمل لي بالسينما مع نجمة الجماهير نادية الجندي، والقدير عبدلله غيث، والنجم محمود حميده، ارى ان الشر يجب ان يحبه الناس وان يطمئن له الناس، شعرت حينها ان الشخصية الشريرة تغيرت باتت مثل ” طباخ السم بالعسل”، يضحك في وجهك ويطنعك في خاصرتك بنفس الوقت، مسكت ادوات الشخصية واحببت ان اقدم بهذا الشكل بعيداً عن الصراخ والانفعال، وكما ترين المجتمع تغير اليوم الاغلبية تبتسم بوجهك وتطعنك بظهرك..(ويضيف) انا ” مسكت احمد الفيومي من الحته دي”، يومها قال لي مؤلف الفيلم بشير الديك والمخرج نادر جلال” كيف قدمت كل هذا الشر الممزوج بالطيبة؟ كنت اقتل عمال الكراج ومولع الدنيا واخطف الراقصة، واذهب لاختي واصالحها واقبلها واقول لها احنا مالناش غير بعض” كنت جبروت لغاية ما اتقتلت بالفيلم. الذي اعتز به جداً وهو من اهم علاماتي الفنية.
*وقفت امام نور الشريف كضيف شرف بحلقتين من مسلسل ” الرجل الآخر” حدثني عن هذه التجربة؟
-المسلسل من اخراج مجدي ابو عميره حبيب قلبي، ويومها كنت اقوم ببطولة مسلسل ” بنت الاسيوطي” مع دلال عبد العزيز وابو بكر عزت واحمد خليل وزيزي البدراوي ونيرمين الفقي، كنت البطل الذي يصعد السلم درجة درجة الى ان يستولي على اموال الآخرين” يعني كنت شرير برضو بس لذيذ ويضحك ويبتسم”، يومها قالوا لي اني مطلوب لاكون ضيف شرف امام نور الشريف الذي هو قمة من قمم الفن، ومستحيل ان اعتذر لاني عاشق لفنه وبالفعل قدمت الدور وكان تجربة ممتعة لي اعتز بها للغاية.
*مارأيك بالدراما المشتركة؟
-يوجد في سوريا مجموعة كبيرة من النجوم الممتازين، ايضاً في العراق يوحد نجوم كبار ، والدراما المشتركة اؤيدها لانها تصب في خانة تبادل الثقافات كما انها تستقطب اكبر شريحة من المشاهدين العرب.
*لم تذكر لبنان؟
-لبنان حالة خاصة، في لبنان هناك تميزاً بالمسرح الغنائي ” الميوزيكال”، والغناء والديكور والبرامج والتوك شو والاعلام ايضاً، والتلفزيون اللبناني الرسمي في الالفية السايقة كانت الاعلامية المصرية ليلى رستم من اهم المذيعات بالتلفزيون اللبناني، وايضاً حسن المليجي الذي قدم ” ليالي بيروت”، والدراما اللبنانية في السابق على ما اذكر كانت تُقدم بالفصحى، حتى في عز الحرب الاهلية انتج لبنان العديد من البرامج والمسلسلات وايضاً الافلام السينمائية الاكشن.. اللبناني يعشق الحياة ويجتهد ويجاهد.. وعندما اقول لبنان تظهر في مخيلتي السيدة فيروز وهذا يكفيني فخراً.
*فيروزي الهوى؟
-طبعاً علماً اني احب كثيراً المطربة صباح التي نقول ” انها بتاعتنا”، لكن فيروز لها سحر وبريق،(ويضيف) ” من الآخر فيروز وصباح ووديع الصافي ونور الهدى ونجاح سلام وسعاد محمد وجورج وسوف وكل العمالقة اللي من لبنان اهلنا وحبايبنا.. انا احب لبنان وناسها ومناخها ويارب ترجع احلى من الاول”.
*تعشق جورج وسوف؟
-جداً، اكثر مما تتخيلين، من لا يحب ابو وديع سطان الطرب،هو بحد ذاته حالة من الصعب ان تتكرر بالحياة، علماً اني لم النق به ولا مرة، اعشق هذا الرجل كفنان وانسان اشعر انه ” جدع” ومعطاء وطيب، واشعر بوجعه وعدم اخلاص البعض له، وجعه يؤلمني وأرسل له من خلال موقعك كل التحيات والسلام واتمنى من قلبي ان التقيه، “ربنا يشفيه ويديه الصحة”، يكفي انه امضى كل عمره بالعطاء الفني الراقي.
*تعرضت لحادث مؤلم الى اي مدى تعلمت من المحنة التي مررت بها؟
-تعرضت لحادث مؤلم وكنت بقمة نجاحي، ” تلفوني ماكنش ببطل رن” لذا كنت اضطر لاغلاقه، اليوم لا احد يتصل ولا يسأل،( ويعلق) عندما تعرضت للحادث المروع قالوا ” ده حيموت نلحق نشوفو”، والبعض اعتقد اني استعرض واكذب، علماً اني كنت في غيبوبة تامة، يومها احدهم قال ” شريف خيرلله بعد الحادثة دي حيشتغل شغل كتير”، تخيلي وانا كنت في العناية المركزة،. الحمدلله استعدت وعيي وعافيتي لكني لم اعمل كما في السابق.. الرب اكرم بعمر جديد لكن ما يؤلمني ابتعاد البعض، والذي كان يكلمني كرمى للقاء او لارشحه بعمل لم اعد اسمع صوته او المحه.. يعني الدنيا مصالح.. (ويعلق) لكني مقتنع انه يوجد جمهور ومثقفون يعرفون تماماً من هو شريف خير الله، وبالفترة السابقة قدمت بعض الاعمال الجيدة مثل خماسية ” اللي خلِف مامتش”، و” هدف نبيل”، وكان معي محمود البزاوي وعايدة رياض ومجموعة من الشباب الجدد وقلت لهم” انشألله هتبقوا كويسين” وانا كنت صريحا بكلامي معهم ولا اجاملهم.
*ندمت على دخولك الفن كونك دارساً للتجارة؟
-ابداً، وبصراحة لا اعرف ان اعمل الا بالتمثيل وسأمثل “غصب عن عين اي حد بيستبعدني وحامثل هافضل موجود واقدم شغل افضل من اللي فات.. هافضل احلم مش هبطل احلام بالفن، عشان بداخلي طاقة عاوز اطلعها للناس وأذن الله ربنا حيكرمني”
*شخصيتك صريحة وتلقائية؟
-انا ممثل امام الكاميرا، اجسد الشر والبلطجة الباشوية الرومانسية، لكن في الحياة اقول ما في قلبي، ودائماً اتأمل بالخير.
*على رأي اغنية فيروز ” ايه في أمل”؟
-اكيد في أمل ” عشان الامل والحلم دول همه الحبال اللي بتمسك فيها لو راح مني الحلم حتروح الحياة”.