انور غوته:” عمر الشريف كان عراباً لكامب دايفيد وهكذا سافرت إلى اسرائيل وفاتن حمامة هربت من مصر”

المهندس انور عبد المجيد ابراهيم غوته هو مدير عام الإذاعات الخارجية والمصرية ومندوب لدى رئاسة الجمهورية، وهو مهندس الأسرار الخفية لدى ثلاث عهود وحقبات من التاريخ المصري،هو مهندس الإجتماعات السرية واللقاأت الخاصة والمطابخ التي أتمت إفاقية كامب دايفيد ..حين التقيته جذبتني قسمات وجهه التي تحمل في طياتها عدة أمور خفية تعاقبت على حياته المهنية، منها ما صرح به ومنها ما إختار طوعاً رميها في سلة النسيان لأمانته المهنية للتاريخ وللوطن، ومع ذلك دخلت سبر أغوار مكنوناته الدفينة فوجدت العذوبه بداخله والنقاء بفكره والترحاب الشديد بمحاورتي له وبأبتسامته الدائمه التي رسم الزمان عليها تاريخه العتيق.. معه كان هذا اللقاء الذي اجريته قبل سنوات واليوم أُعيد نشره في خانة الارشيف لانه من الحوارات المميزة التي أجريتها خلال مسيرتي الاعلامية.

–قبل أن ابدا بالحوار أُريد أن أقول شيئاً، وهو إنه لم يعد يوجد أشخاصاً صادقين في هذا الزمن، ولا يوجد من يقول الحقيقة إلا من عاشها وعاصرها، وإذا أحصيت الكلام الذي سمعته على مدار حياتي أستخرج عبارة واحدة، وهي” إن الناس الكويسة قليلة جداً بعالمنا وما حدش بيتمنى الخير لغيره صدقيني، هل تعلمين لماذا؟ لأن الأغلبية جواهم سواد”(واشار الى ناحية القلب) وأسألك على مدار عملك بالاعلام حيث شاهدت كل الفئات تقريبا،ً ستجدين إن قلة قليلة هي المحبة والصادقة بتعاملها معك، مع العلم إن أقصر الطرق للعيش بسلام هو الصدق والحب الصافي، لكن للأسف هذا الزمن طغت عليه المصالح والحرتقات والتدخل بشؤون الغير.

*عاصرت ثلاث عهود حدثنا عن أول عهد عايشته أي حقبة الزعيم جمال عبد الناصر ؟

-كان يوجد فن أصيل والحان قيمة وروايات رائعة،كان عصراً مهماً واغلبية الفنانين كانوا يتواجدون بمنزل الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي سُأل مرة عن الأغنية التي ستُخلد فقال  “الاطلال” التي لحنها  السنباطي، الذي لو تمعنتي بألحانه أي للسنباطي ستجدينها قيمة نادرة لن تتكرر.

*برأيك لماذا لم ينجح إبنه احمد مثله رغم انه فنان وصوته جميل؟

-عندما جرّب حظهُ بالغناء لم تسلط عليه الاضواء مثل والده كما لم يتشرّب منه التلحين حتى للأسف،مع العلم انه شاب طيب ومهذب وهو زوج إبنة المطربة فايزه احمد.

*كيف تلقيت خبر وفاة خالد عبد الناصر؟

-خالد عبد الناصر أُصيب بالسرطان وتعالج لفترة طويلة، وهو بالمناسبة دكتور مهندس في جامعة القاهرة بقسم الري وفي احدى المرات رُشح لمنصب وزير ومعه الاستاذ علي سليمان، وعندما طِلع على المعاش بسن الـ63سنة كان قد تعب وأجرى عملية جراحية في معدته، لكن للاسف مات فقيراً، كل اولاد عبد الناصر فقراء حتى اليوم الدكتورة هدى لازالت تعمل  بجامعة القاهرة وزوجها كان يعمل في بنك، ومنى زوجها أشرف مروان الذي مات في لندن، حتى عبد الحكيم ما معوش فلوس، عبد الناصر أورثهم العزة والكرامة،وعلى فكرة طُلب من عبد الحكيم ان يترشح لرئاسة مصر لكنه رفض فعمرة اليوم 63 سنه.

*هل صحيح انه كان يوجد كرهاً بين سوزان مبارك وجيهان السادات وظهر هذا جلياً بأحدى المناسبات؟

– كان يوجد فتوراً بالعلاقة بينهما وصودف إنهما توجهتا لعزاء احد الشخصيات، وتواجدت سوزان قبل جيهان التي رفضت الدخول ما لم تستقبلها الاولى كما يفترض، لان جيهان كانت قبلها السيدة الاولى.

*مارأيك بجيهان السادات؟

-سيدة أنجزت جمعية الوفاء والامل وساعدت الايتام والمعوقين، لكن الحق يقال ان سوزان مبارك “برضو أنجزت أشياء كثيرة لمصر “،مثل القرأة للجميع ودعمت أكثر من مؤسسة دولية لعلاج هشاشة العظام.

*والسيدة تحية عبد الناصر؟

-“كانت ست البيت”،و قبل الثورة نُشرت مذكراتها مع عائلتها اولادها والزعيم وكيف كان يدخن44 سيغارة وماذا يأكل، وكيف كرّس كل حياته لخدمة الوطن حتى الرمق الاخير من عمرهِ.

*في عهد عبد الناصر مُنعت اغاني ام كلثوم؟

-الواقعة حصلت كالتالي، إذ يومها منع رئيس الاذاعة أغنيات ام كلثوم وعبد الوهاب على السواء، فتفاجأ الزعيم عندما علم بالأمر، وأرسل بطلب وزير الإعلام وقال له ان يدمر تمثالين في ميدان التحرير لأنها كانا بالعهد البائد اي الملك فاروق ،وهنا صُعق الوزير وسأله عن السبب فقال له عبد الناصر رحمه الله : “ام كلثوم وعبد الوهاب مالهمش بالسياسة لماذا منعت أغنياتهما أنا شخصياً أسمع بالليل أغنيات ام كلثوم”، عبد الناصر كان وطنياً ورائعاً “لكن الزبانيه التي حامت حوله بفترة معينة لخبطو الدنيا”.

*ام كلثوم تزوجت من الكاتب مصطفى امين وعبد الناصر إعتقلة بتهمة التجسس لصالح الأميركان حدثنا عن هذه الواقعة؟

-” أنا عايشتها بالتفصيل:، ويومها حصل نفوراً بسيطاً بين عبد الناصر وام كلثوم بسبب مصطفى امين، الذي اُتهم إنه عميلاً للأميركان بتهمة لفقها له صلاح نصر.

*وسيدة الشاشة فاتن حمامة ارسلت له هدية يومها؟

-صحيح أرسلت له “ترمس شاي”، وفاتن حمامة على فكرة رفضت التجنيد بالاكراه وغادرت مصر حينها.

*مثل الاعلامية ليلى رستم التي قصدت بيروت وعملت بتلفزيون لبنان؟

-” بالظبط برافو عليكي”

*هل صحيح إن عمر الشريف كان عراباً لمعاهدة كامب دايفيد؟

-” انتي دماغك واسعة على فكرة”(نضحك ويتابع)، انا كنت أيضاً في كامب دايفيد وجلست مع مناحيم بيغن، وعزراويز مان بصفتي مهندساً اذاعياً وليس كسياسياً، أيضاً يوجد شخصاً له دور في معاهدة كامب دايفيد وهو محمد حسن الثاني جلالة ملك المغرب، وكان يوجد رجل يعمل مستشاراً للأمن القومي المصري ،المهم ان الرئيس انور السادات أرسل بطلب النجم عمر الشريف وسأله: “هل تثق بالجماعه اليهود او الاسرائيلين؟”فقال له عمر: “يا سيادة الرئيس الناس دي عايزة السلام”، فرد عليه السادات:” طيب يا عمر حنتقابل تاني”. بعدها ذهب الى مجلس الشعب وقال خطابه الشهير الذي جاء فيه إنه يبحث عن السلام وعدم اراقة الدماء ويتمنى ان تنتهي الحرب القائمه التي بين مصر وإسرائيل، وإنه سيسافر ويخطب في البرلمان الاسرائيلي أي الكنيست، وهنا حصلت خضة وحيرة.

*(اقاطعة واساله)لماذا سأل عمر الشريف دون سواه من الفنانين هل لأنه كان على صداقة مع اليهود وأحب باربرا سترايسند اليهوديه من جهة الأم؟

-” بصي كل الناس وخصوصاً الفنانين” عرضة لأن يتعرفوا على أناس كثر من كل الاديان والطوائف،وبالتالي على كافة الاصعدة السياسيه والاجتماعية والفنية وعمر الشريف شخصية عامة، حتى عبد الحليم حافظ كان ينقل الرسائل المشفرة من بلد لبلد بطلب من عبد الناصر ي”عني دة امر طبيعي”، ولا تنسي ان عمر الشريف التقى باليهود والاسرائيلين بحكم وجوده بأميركا قبلنا بسنوات، وبات يعرف أطباعهم لذا سأله السادات عنهم هذا كل ما في الامر،(ويضيف)  بعدها ذهب السادات إلى إسرائيل وذهبت معه وزرت تل ابيب وكنيسة القيامه.

*الإسرائيليون خافوا من وجود السادات عندهم وظنوا إنه سيقوم بعملية إنتحارية؟

-عندما نزل من الطائرة كان الرئيس الإسرائيل واقفاً سلم عليه وضحك السادات لكنهم لم يخافوا منه، لأنهم فتشوا طائرته من قبل امنهم ،وهو فوجىء بالأستقبال الكبير هناك، وعندما خطب بالكنيست صفقوا له لمدة ربع ساعة.

*اشعر إنك تحب السادات على المستوى الشخصي؟

-“مش مسألة حب وكره،أنا يهمني اليوم كيف أعيش وأولادي بسلام “والجيل الجديد ماذا سيكون مستقبله؟ يوجد أولاد جيراني أسمائهم طوني ويوسف ومريم “انا مربيهم” لا يحتفلون بأعيادهم مالم أكن متواجداً معهم، وبالفعل “أقعد معاهم ونعّيد مع بعض”، دول المستقبل بصرف النظر عن دينهم لماذا التعصب والتزمت، أنا ضد التعقيد “أنا عايز سلام ومحبة والشباب الصُغير لازم يعيش بتفاؤل وحب “بعيد عن الحروبات التي تولّد البطالة وازمة عنوسة وحالة يرثى لها، عهد السادات كان عصر الأنفتاح على الآخر، وعبد الناصر عزز كرامة المواطن العربي،(ويتابع) غولدا مائير مرة قالت انها تخشى النظر بعيني عبد الناصر كان صاحب نظرات ساحرة للغاية وانا احبه كثيرا بجوانب عدة، خصوصاً عندما وزّع أراضي الإقطاعيين على الفقراء، لكي يعملوا، وجاء بعده السادات وبدأ الأنفتاح على العالم وعندما التقى بمارغريت تاتشر قال لها: “انت المرأة الحديدية” فردت علية: “وانت الرجل الحديدي”،(ويضيف) اليوم كل الناس تسافر الى أميركا وتسعى “للغرين كارت” ويتعاملون بالدولار وباطنهم يتوق للسلام لكنهم يجاهرون بغير ذلك، وصدقيني لو أرادت أميركا السيطرة على العالم العربي لفعلت.

*حدثني عن ام كلثوم ومأمون الشناوي وفريد الأطرش؟

-مأمون كتب” اول همسه” وأعطاها لام كلثوم قرأتها فقالت له: “ايه ده لاء الاغنية دي مش لوني”، فأعطى الأغنية لفريد الاطرش فلحنها وغناها، وبالحفلة ابدع بالغناء وأعاد احدى الكوبليهات تماني مراتوتحديداً “مر الربيع بعدو حبيب العمر”، سمعت ام كلثوم الحفل بالاذاعة واتصلت بمأمون الشناوي وقالت له: ل”ماذا لم تلفتني لهذا الكوبليه وأغلقت السماعة وقاطعته لفترة طويلة”،ثم سألت فريد: “أنت غنتها ازاي؟ “،فاستغرب السؤال واحضر العود وأسمعها بنفسه، يوجد واقعة اخرى مع مطربه اسمها شهرزاد غنت “يا ناسيني” من لحن رياض السنباطي فأتصلت به ام كلثوم وسالته عن اللحن وعلى فكرة السنباطي هو الوحيد الذي كان يناديها أي لكوكب الشرق بأسمها بلا القاب، المهم زعلت منه عدة اشهر، إلى ان إتصلت به يوماً، وطلبتهُ فذهب اليها فأعطته قصيدة “الاطلال” ليلحنها وركزا على كوبليه “هل رأى الحب سكارى مثلنا”،وفي حفلة تونس كنت معها أعادت هذا المقطع أربعين مرة متواصله وبكل مرة بطبقة مختلفة عن الأخرى، أذكر إني كنت جالساً في الصف الأول وإلى جانبي السيدة وسيلة زوجة الحبيب بو رقيبه، وكانت ام كلثوم قد طلبت مني أن اُتابعها طوال الحفلة، وكنت أُشير لها بيدي بطريقة مبطنه متى تُعلي طبقةالصوت ومتى تُخفضها حتى وصلنا الى كوبلية ” هل رأى الحب سكارى”، فصرت أُشير لها بأصبعي تاني تالت رابع حتى وصلنا الى رقم اربعين، وهي تغني وتجود والجمهور يهلل ويصرخ من روعة غنائها،وبعد الحفلة قالت لي: “إنت فضلت تشاورلي أعيد الكوبلية لغاية ما الجمهور أتجنن”، ثم جلسنا نستمع سويا مرة أخرى للحفلة واعطتني 200 درهم، أما في حفلة باريس فلم اكن معاها بس الجمهور أرتمى على رجليها ليقبلها، وهنا لو تمعنت بشخصية ام كلثوم سترين أن العلم سيعجز عن تحليل هذه الموهبه التي منحها اياها رب العالمين، وبالمناسبة ام كلثوم وعبد الوهاب وفريد الاطرش كانوا يتحدثون الفرنسيه التي كانت سمة العصرحينذاك، كانت رحمها الله  تحب الثقافة ، وعبد الحليم كان ذكياً جداً، اليوم لم يعد يوجد مطرب يقنعك بطربه او ثقافته او ذكائه، إلا إذا غنى القديم او الجديد بأسلوب طربي.

*مارأيك بمطربين الجيل السابق؟

– علي الحجار صوته جميلاً بس ناشف، هاني صوته حلو بس قدم أُغنيات عاديه جدا بفترة معينه.