الحلقة الأولى/ اعداد حسانة سليم
علاقة أهل الفن بالسياسة وبغيرها من نواحي الحياة علاقة جدلية أثبتت الوقائع مدى تأثيرها في سير الأحداث التاريخية، وتغييّرها لمسار أنظمة وحكام وحتى ملوك، وعلى الساحة العربية نشأت بين الفنانات والسياسيين، علاقات كان لها صدى مدوٍ منها ما إنكشف في حينه ومنها ما دخل طي صفحات النسيان ولا يزال، ومن خلال تلك الذكرايات سنلقي الضؤ على تلك العلاقات والأحداث التي تخللتها، ويبقى الحكم في النهاية للتاريخ.
صحيح أن الموضوع حساس ويلقي الضؤ على بعض الأسرار السياسية التي كانت بطلتها الفنانة برلنتي عبد الحميد التي أخلصت لزوجها منذ أن التقت به وأخلصت لذكراه بعد رحيله.. ورغم ذلك فقد اُثيرت الشكوك حولها، إذ ورد في مصادر عدة أن المشير عبد الحكيم عامر حين كان وزيراً للدفاع الحربي عام 1967 إستفاق عند الساعة السادسة صباحاً ولم يكن يعلم شيئا عن المعركة، وقيل انه مزق كل التقارير الخاصة بالعدوان المبعوثة من الإستخباريين المصريين من بينهم رأفت الهجان وهنا طرحت علامة استفهام حول برلنتي التي كانت حينذاك زوجته؟؟!!
كيف تم اللقاء الاول؟
في الفترة ما بين عام 1962 وعام 1967 إنتشرت ظاهرة قد تبدو في أول الأمر عادية للغاية، لكن مع مرور السنوات والتدقيق في تفاصيلها تظهر لنا أمور مغايرة للواقع، هذه الظاهرة تتعلق بزواج المسؤولين السياسيين في تلك الفترة ببعض الفنانات، إضافة إلى العلاقات التي ربطت في ما بينهم بدون زواج.. وفيما يتعلق بالمشير عبد الحكيم عامر فأنه إرتبط بالفنانه برلنتي عبد الحميد وهو في قمة السلطة السياسية والعسكرية، وذلك قبل حدوث النكسة الكبرى، وتبديد الحلم الكبير الذي كان الزعيم جمال عبد الناصر يتمنى أن يصير حقيقة.. والمعروف عن المشير عامر شهامته وعلاقته الجيدة مع رجال القوات المسلحة، ويقول الكاتب ناصر حسين أن المشير كان هدفاً مقصوداً نظراً لعلاقته الوطيدة بالزعيم جمال عبد الناصر، ومن هنا إستغلت الأجهزة تلك الثقة المتبادلة ووضعت المشير نصب عينيها، وكان حينها خارج القاهرة في حفل أعياد الوحدة بين مصر وسورية، وكانت الإذاعة المصرية والعاملين فيها يحضرون للإحتفال لحفلات أضواء المدينة، وكان من مندوبي الإذاعة المذيع جلال معوض زوج الفنانة ليلى فوزي، والمذيعة امال فهمي وسامية صادق وعدد من الفنانين والفنانات على رأسهم برلنتي عبد الحميد، التي جمعها أول لقاء بالمشير في الفندق بحضور عدد من رجال الصحافة والأعلام والنجوم… ولأنه ليس من السهل على المشير أن يقتنع بأية إمرأة فقد تعمدت برلنتي أن تبدو له انها محدثة لبقة، وتم اللقاء الثاني بينهما أثر حفلة أقامها رجاله للتخفيف عنه عقب أزمته بعد حدوث الإنفصال بين سورية ومصر، وإزداد الإعجاب بين برلنتي والمشير لكن رجاله كانوا يريدون إقامة جسور أقوى.. (ويضيف) الكاتب حسين من أن رجال المشير طلبوا منها أن تنمي ثقافتها لا سيما السياسية والإقتصادية، فصارت تسأل وتستفسر عن كل ما يتعلق بالإقتصاد الموجه، والإقتصادالحر، النظام الشمولي، والتطبيق الإشتراكي وهكذا إستطاعت أن تحتل مساحة من عقل المشير بعد أن أقتنع أنها سيدة مثقفة وتجيد التحدث بالفرنسية والإيطالية ومن هنا بدأت رحلتها.
ماذا يقول الإمام وفوزي؟
يقول الكاتب عبدالله امام انه ورد على لسان رئيس المخابرات العامة المصرية صلاح نصر أن برلنتي عبد الحميد كانت ذات نشاط إجتماعي بارز، وتلتقي بالأدباء والمفكرين خصوصاً في فترة زواجها السابق من احد الماركسيين الذي هاجر إلى المانيا.. وحين رفعت برلنتي دعوى ضد عبدالله امام الذي كان قد كتب مقالاً حول علاقتها بالمشير،إعتبرت ما كتب ينطوي على جريمتي القذف والسب، عندها إستعان الكاتب امام بالفريق أول محمد فوزي الذي قال في المحكمة انه سيمر بحكاية إعتقال المشير ببعض التفاصيل، وبحادثتين الأولى حصلت يوم 25/8/1967 عندما كلف بتطهير منزل المشير من أحد عشر ضابطاً بالمعاش، كانوا موجودين بأسلحتهم في منزله بصفة دائمة، وكذلك بعض الجنود من القوات المسلحة المستدعين من بلدة المشير وبعض المدنيين.. وتابع أنه توجه إلى منزل المشير ومعه قوة عسكرية، وتمكن بعد جدل مع هؤلاء الضباط ان ينهي العملية بهدؤ نظراً لوجود زوجة المشير عامر وأولاده في المنزل.. أما الحادثة الثانية فقد حصلت يوم 17/9/1967 عندما كلف بنقل المشير من منزله في الجيزة إلى مكان آ خر، يكون فيه وحيداً تمهيداً للتحقيق في ما نسب اليه من محاولة العمل بقوة ضد الشرعية السياسية ،وأكد الفريق أول محمد فوزي في المحكمة، انه توجه ومعه رئيس هيئة الأركان المرحوم الفريق عبد المنعم رياض ومدير الشرطة العسكرية وبعض الضباط لنقل المشير الذي طلبوا منه النزول، وفي هذه الفترة كان قد وضع شيئا في فمه، وكان هناك ثلاثة شهود على هذه الواقعة، وقالت ابنته أن هذا الشيء هو سم، ومن ذلك الوقت لم يشاهد الفريق الأول برلنتي ولم يكن لديه فكرة من انها زوجة المشير ، كما كان شاهداً من أن المشير إنتحر بنفسه وبأرادته وسط عائلته..وعما ورد في أقوال برلنتي ان المشير عامر أبدى لها بعض مخاوفه من إستغلال إسمه للأنقلاب، وانها ترى أن قرار الزعيم جمال عبد الناصر بعد قيام الضربة الأولى هو السبب في النكسة، قال الفريق فوزي ان هذا الكلام غير صحيح وصادر من جهة غير متخصصة وغير مسؤولة وموضوعية، لا سيما وأن الكلام بعيد كل البعد عن النتيجة التي وصلت اليها المعركة، والضربة الاولى لم تؤثر في النتيجة الكلية للمعركة، وكان عبد الناصر متوقعاً الضربة الأولى وانذر المشير ومعه تسعة من قادة القوات(وكان الفريق واحداً منها) بأن اسرائيل ستقوم بضربتها الجوية بيوم الأثنين 5 يونيو 1967، وأمر القادة بأتخاذ التدابير اللازمة للمعركة، التي بدأت في 5/ 6/ 1967 كمعركة دفاعية، وقد طبقت مصر الخطة الدفاعية المصدقة عليها عام 1966، والتي تقضي بصد العدو ومنعه من الحصول على هدفه ولا تعني الضربات الجوية أو غيرها، ومن هنا كان الزعيم جمال عبد الناصر ملتزماً بالخطة الدفاعية ولا يخرج عنها.
ومهى صبري أيضاً!!
فنانة اخرى إرتبطت بعلاقة مع المشير وهي المطربة والممثلة مهى صبري، وذلك كرمى لزوجها اللواء علي شفيق الذي كان مديراً لمكتب المشير(وكان علي شفيق متزوجاً من ابنة خال الفنان حسين صدقي) وكانت مهى تُعد أشهى المأكولات للمشير لتحفظ لزوجها مكانته، وصارت تدعوه ليتذوق الأكلات المصرية التي يحبها، والتي إستذوقها من يدها وكان ذلك عام 1966 أي قبل حصول النكسة بعام وحتى بعد حدوثها وإكتشاف إنحراف مكتب المشير، والتي كان من ضمن أقطابها علي شفيق وسكرتيره عبد المنعم ابو زيد زوج الفنانة سهير فخري ايضاً!! ولكن كيف أرتبط علي شفيق بمهى صبري؟
(يُتبع)