الحلقة الثالثة/اعداد حسانة سليم
سلسلة أفلامها الأخيرة كانت تتضمن قدراً كبيراً ومبالغاً فيه من الإثارة، ودفعت الضجة التي أحدثتها والحملة الصحفية التى شنتها الصحف المحترمة ضدها، بالبنت إلى الذهاب إلى إحدى دور العرض لمشاهدة فيلم والدتها النجمة، كان الفيلم يحتوي على مشاهد ساخنة، وتجسد فيه دور امرأة تتورط في جريمة قتل وتدخل السجن، وهنا يتحول الفيلم إلى وصف تفصيلي لما يحدث داخل سجن النساء من انحرافات وشذوذ جنسي، وكانت مشاهد الإنحرافات والشذوذ صريحة جداً وبشكل مقزز، أثار لدى الابنة الغثيان والاكتئاب، وخرجت من السينما و هي لا تدري ماذا تفعل ؟هل تطلق صرخاتها المكتومة في الشارع ؟! هل تهاجر إلى أبعد دولة في الكرة الأرضية؟
وعادت إلى المنزل بعد أن هامت بسيارتها في كل شوارع القاهرة، وفي البيت وجدت امها تتناول كأسا من الخمر،وحينما رأتها بادرتها بالسؤال:” أين كنت ياحبيبتي؟ لقد قلقت عليك”، فنظرت إليها وهي تكاد أن تخنقها بعينىيها وصاحت قائلة:”كنت أشاهد آخر فضائحك”، وهبت الام النجمة واقفة وهي تصرخ بأعلى صوتها:”كيف تحدثيني بهذه اللهجة وأنا أمك ؟” فقالت البنت والشرر يتطاير من عينيها:” ليتك لم تكوني أمي ولم أكن إبنتك ألا يكفي استهتارك وسكرك، واليوم تمثلين فيلماً رخيصاً يخاطب غرائز المنحرفين والشواذ ؟ لقد وضعتٍ أنفي في التراب،أنت أسوأ أم رأيتها في حياتى”..ورفعت الام يدها وهوت بها على وجه ابنتها في صفعة قاسية، وتجمدت الابنة من الذهول للحظات،وبعد أن زالت الدهشة، شعرت أنها ستموت كمداً لو مكثت في البيت لحظة واحدة، فغادرته وتوجهت إلى مسجد قريب منه، وهناك تناولت مصحفاً وجلست تقرأ وتقرأ، والدموع تتساقط من عينيها بغزارة، حتى بللت دموعها صفحات المصحف، كان الشعور باليأس قد استولى عليها، ولم تفق إلا على صوت آذان المغرب .. ونهضت لتقف بين الصفوف وتصلي، ووجدت الإمام يتلو فى الصلاة هذه الآيات:( بسم الله الرحمن الرحيم/ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق / صدق الله العظيم)ثم وصل إلى قوله تعالى (بسم الله الرحمن الرحيم/اعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون/ صدق الله العظيم)، وسرت فى جسدها قشعريرة غريبة، وأحسست وكأن الله عز وجل يخاطبها بهذه الآيات ليزيل مابها من هم ويأس، وايقنت ان الله عز وجل قادراً على إحياء القلوب القاسية كقلب أمها وتطهيره بنور الإيمان، وبدأت السكينة تدب في قلبها،وعادت إلى البيت واستلقت على الفراش ونامت كما لم تنم من قبل.
وفي الصباح وجدت امها تجلس وهي ساهمة، كان وجهها حزينا ونظراتها شاردة، توجهت إليها وانحنت على يدها تقبلها، نظرت الى ابنتها والدموع تملأ مقلتيها، وقالت لها بصوت مخنوق :” تقبلين يدي بعد أن ضربتك بالأمس؟”، فقالت لها انها امها ومن حقها أن تؤدبها، فردت الأم النجمة:”لا والله، لست أنت من يستحق التأديب،ولست أنا من يستحق إبنة طاهرة مثلك”، ثم قامت وغادرت المنزل،وأدركت أن أمها ومنذ تلك اللحظة قد تغيرت، وأن قلبها بدأ يلين، وأن نور الإيمان بدأ يتسرب إليها، فبدأت تُكثف كل جهدها في دعواتها، وتحكي لها كثيراً عما يدور فى دروس الدين التي تواظب عليها في المسجد، وتدير جهاز التسجيل الموجود في غرفتها ليرتل آيات من الذكر الحكيم على مسامعها.
(يتبع)