متابعة/علاء حمدي
أصدرت الدكتورة ليلى الهمامي بيانا بمناسبة الذكرى الـ68 لعيد استقلال الجمهورية التونسية عن المستعمر الفرنسي واستعادة سيادتها و يمثل تاريخ 20 مارس 1956 منعرجا مفصليا في تاريخ الجمهورية التونسية و يبقى يوما رمزا في تاريخ التونسيين و ذاكراتهم . وجاء البيان كالتالي :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد، وبمناسبة احياء الشعب التونسي لذكرى الاستقلال المجيد اتوجه انا الدكتورة ليلى الهمامي بهذه الكلمات، في واقع الإستقلال وواقع الحال في بلادنا، لعلني أمسّ بعض عناصر التأزم الراهن لفقدان المعنى السياسي للاستقلال، الاستقلال الذي ناضل ومات من اجله اعز ما انجبت تونس من ابنائها وبناتها الافذاف، من الوطنيين… اجيال تاقت الى الحرية وإلى الانعتاق والى الكرامة… هذا الحدث لم يكن أبدًا مجانيا، حتى وان ساعدت بعض الاوضاع الدولية على ان يحصل الاستقلال في سياق سياسي فرنسي معلوم من الجميع.
واليوم أحبتي في تونس، بقدر ما نتشبث بهذا المكسب العزيز، بقدر ما نجدد العهد مع شعبنا من اجل العمل على دعم اسباب الاستقلال وتعزيزها ، اقول إن دعم اسباب الاستقلال وتعزيزه يكمن في معنى ان الاستقلال انما هو استقلال ديناميكي حيث لا استقلال مطلق اليوم وحيث لا يوجد اليوم دولة او مجتمع خارج نسيج التشابك مع باقي المجتمعات، أو خارج منظومة المجتمع الدولي أو خارج نسق الاقتصاد الراسمالي.
هذه حقائق من الضروري ان نذكر بها وذلك درءً لمغالطتين:
الاولى تعتبر الاستقلال حالة جامدة ومكسبا لا رجعة فيه وانه لا يمكن باي شكل من الاشكال ان يناقش أو ان يوضع موضع سؤال،
المغالطة الثانية هي اعتبار سيادة الدولة أو الاستقلال بمنع التواصل والتبادل والاشتراك مع باقي المجتمعات فيما هو كوني وفيما هو عالمي،اعتقادي أن الاستقلال حالة ديناميكية لا محالة. ومعلوم أن الاستقلال في ذاته لا ينفصل عن السيادة، وحيث وجدنا السيادة كاملة وجدنا الاستقلال كامل، لكن ضروري جدا ان ننظر الى مفهوم الاستقلال من زاوية ديناميكية. فبقدر ما نكون في مستوى من المناعة الاقتصادية بقدر ما يكون لدينا جيش عالي التجهيز وعالي الجاهزية، بقدر ما تكون لدينا نخب علمية منتجة لما هو نافع اقتصاديا، بقدر ما يكون لدينا اقتدار على التجديد التكنولوجي، بقدر ما يكون لدينا وزن ديموغرافي، بقدر ما تكون مناعتنا فعلية واقعية ملموسة وبقدر ما يكون استقلالنا حقيقي.إضعاف الاقتصاد واضعاف المجتمع من خلال كبت الاصوات ومن خلال فرض اساليب استبدادية هو بالتأكيد اضعاف لمناعة الدولة وهو اضعاف لقدرة الدولة على تحشيد المجتمع، وعلى دفع التونسيين نحو الافضل.هذا هو واقع الاستقلال في عصرنا الراهن … الاستقلال استقلال كمؤشر، هو استقلال كاحداثية لا يمكن ان تنفصل عن الوضع الاقتصادي ، لا يمكن ان تنفصل عن الوضع السياسي، لا يمكن ان تنفصل عن الوضع الاجتماعي، لا يمكن ان تنفصل عن المناعة الفكرية والروحية. هذا هو الاستقلال وهذا فهمي للاستقلال.لذلك لا فصل عندي بين الاوضاع العامة الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والثقافية والامنية وبين مفهوم الاستقلال. نحن نحتفل بذكرى الاستقلال والاجدر بنا ان ننظر في ما تبقى من استقلالنا. عاشت تونس حرة مستقلة منيعة أبد الدهر . عاشت الامة التونسية رغم الداء والاعداء وكل عيد وتونس في تجديد.