حوار/ ابتسام غنيم(من الارشيف)
فنان من الطراز الرفيع، مثقف مبدع متمسك بهويته اللبنانية رغم انفتاحة على الآخر، يحمل على عاتقه هم الفن ويسعى للارتقاء بالمسرح اللبناني، فكان على قدر من التحدي، لانه ببساطة فنان حقيقي من الناس يقدم فناً هادفاً وراقياً لهم.. انه جورج خباز الذي يُقدم للعام الحادي عشر على التوالي عملاً مسرحياُ جديداً يُلاقي نجاحاً منقطع النظير ويحمل عنوان”ورا الباب”.. معه في مسرح “شاتوتريانو” كان هذا اللقاء الذي اجريته قبل اعوام واليوم اعيد نشره في خانة الارشيف عبر صفحاتelmaw2a3.net ).
*بداية نبارك لك مسرحية”ورا الباب”؟
-“الله يبارك فيكي”، المسرحية تتناول قصة منزل عصفت به الخلافات الاسرية، وأدت لحدوث الطلاق بين الزوجين، ويحاول الزوج ترميم العلاقة بينه وطليقته بعد ثلاث سنوات من الانفصال، واذ يكتشف ان رجلاً آخراً يتسلل الى حياتها
*”منزل عصفت به المشاكل وتتشتت الاسرة” يعني العمل يحمل اسقاطاً سياسياً؟
-كل سيُفسر مضمون المسرحية وفق ثقافته، لكن بالحقيقة لم اقصد الاسقاط السياسي كون الاسقاط الاجتماعي برأيي اهم بكثير من حيث التأثيرعلى الاسرة، وشخصياً “شلت ايدي من السياسي”
*لكنك تغمز بالعمل على ضرورة لم الشمل والاتفاق من اجل راحة الاولاد الذين يُمثلون الجيل الصاعد؟
-فعلاً هي تحمل هذا الُبعد، لكني لا اقصد السياسة على الاطلاق.
خشبة المسرح عالمي كما الارض هي روح الفلاح
*كتبت،اخرجت، مثلت، كل ذلك للمسرح متى سنراك في منطقة اخرى؟
-سينمائياً ذهبت لمنطقة اخرى في”تحت القصف”و”غدي”، اما سر استمراريتي مسرحيا على مدار احدى عشرة سنة سببها ما يحتويه من شمولية العمل، الذي اصيغه واضع موسيقاه وانتجه ، وبالتالي صرت اقتبس مشاكل الجمهور وهموم الشعب واترجمها لاعمال مسرحية وهذا الامر يلزمه فنانا يعيش للناس ويقدم فنه للناس، وقد مزجت خلفيتي الثقافية الفنية بهواجس وجدليات الناس،لذا لست نخبوياً بل شعبياً مثقفاً، والثقافة متنوعة وليست حكراً على امر معين او شخص محدد، فأنا مثلاً لا افهم بثقافة الارض مثل الفلاح لانه ابن الارض، والمسرح والسينما فناً نأخذه بالتالي من الارض بينما الموسيقى نأخذها من الفضاء
*مسرح جورج خباز صار مدرسة؟
-(يتسأل ويرد مستغرباً) انا مدرسة؟ انا ببالي تحقيق رغبتان الاولى مصالحة الجمهور اللبناني مع المسرح لانه خلال الحرب حصل شرخاً بين الثقافة والمواطن اللبناني مع المسرح فصار همي رد الاعتبار للمسرح، ثانياً نحن كما قلت لك اريد ان يكون مسرحي لكل الناس من كافة الاعمار والشرائح والطبقات
*في لبنان انت الوحيد الذي حملت عاتق المسرح على كاهلك واليوم بعد الثورة والاحداث التي عصفت في مصر نجد ان اشرف عبد الباقي ركز على المسرح بـ”تياترو مصر” ونجح؟
-علمت بالخطوة التي قام بها اشرف ومن انه احرز نجاحاً كبيراً من خلال عروضاته المتنوعة والمستوحاة من قصص شعبية وسياسية وفنية وكيف حقق نجاحاً باهراً عقب التراجع الذي طرأ على المسرح المصري، وكيف عمد اشرف بأعادة البريق اليه مع مجموعة من الشباب من معهد الفنون المسرحية، وهذه النقطة تُحسب له اذ منح فرصاً للشباب الموهوب الدارس لفن المسرح، وبالتالي عمل على ازالة الشرخ بين المسرح والجمهور واستقطابه اليه من جديد، خصوصاً في زمننا ما بعد الثورات حيث الناس صارت ترغب برؤية ما يحصل من خلال مرآتها الخاصة.
*فهمي الخولي استقطب قبل سنوات مسرحية”الشخص” للرحابنة ومصرنّها وما ان عرضت في مصر حتى اثيرت ضجة بسبب ادانتها للحاكم الظالم وهو اي فهمي يتمنى اليوم ان يتعاون مع شباب مسرحي لبناني مثقف(يرد مقاطعاً)
-استاذ فهمي الخولي من المخرجين المسرحيين الرواد، ويُشرفني ان التقي به يوماً، كما يُشرفني العمل بمصر مع الكبار والمثقفين وان كنت ضمناً احمل هاجس الهوية اللبنانية،(ويضيف) في مصر يوجد آلاف المواهب المتنوعة وكجورج خباز اتمنى ان احمل هويتي اللبنانية واطوف بفني بالعالم، (يفكر قليلاً ويقول) اذكر قبل سنوات طويلة قد شاهدت “الشخص” باللهجة المصرية وقامت ببطولتها المطربة عفاف راضي وغنت حينها اغنيات السيدة فيروز مع اضافة اغنيات اخرى منها “يا بابور الساعة 12 يلي مسافر على الصعيد”، وبأمانة يومها فرحت جداً بهذا المزج اللبناني باداء مصري، واذا تكلمنا علمياً وتاريخياً سنجد ان مؤسس المسرح المصري هو جورج ابيض اللبناني، ورواد السينما في مصر هم آسيا داغر ماري كويني ويوسف شاهين وهنري بركات، وفي الاعلام يوجد روز اليوسف وجرجي زيدان وآل تقلا، ما يعني ان صلة الرحم الفنية بين مصر ولبنان قائمة منذ سنوات طويلة.
مسرحي لكل الناس والشرائح والاعمار ومتمسك بهويتي اللبنانية
*فيلمك”غدي” نال ثلاث جوائز؟
-بالظبط، من المانيا وواشنطن وكوريا الجنوبية ومرشحاً لجوائز اخرى، ومؤخراً عرض في اميركا بمهرجان”بالم سبرينغ”، كما سيعرض في روما والبرازيل ودبي واسبانيا
*جورج خباز الانسان محبوب بنفس مستوى جورج الفنان وربما اكثر؟
-ببساطة انا انساناً حقيقياً،وعاشق لخشبة المسرح، والسينما والتلفزيون وليدا تلك الخشبة، والدي كان يخبرني عن مسرح شوشو ومن بعدها تسيّد الساحة مسرح زياد الرحباني وكانت الناس تنتظر تلك المسرحيات من موسم لآخر، بعدها انشغلت الناس بهمومها، وصارت تفكر بجلب” ربطة الخبز” وتأمين احتياجاتهم الضرورية، وهنا رسخت ببالي الفكرة وتحولت لحلم برد الاعتبار للمسرح، وهذا الموسم الحادي عشرة على التوالي الذي اقدم فيه نصوصي المسرحية وهذه اكبر نعمة من رب العالمين خصوصاً اننا نعيش في لبنان بوضع على كف عفريت،(ويضيف)اتمنى ان اوصل مسرحي لمصر مع تمسكي بهويتي اللبنانية.
*رحيل سيدة الشاشة العربية احزنك؟
-جداً اكثر مما تتخيلين، سيدة وفنانة بكل ما للكلمة من معنى، شاهدت لقائها مع الرئيس عبد الفتاح السيسي ضمن وفود الفنانين ولفتني سلامه عليها وسط التصفيق الحار، اعتبرها فنانة عالمية
*عمر الشريف صرح لي بأحد اللقاءات ان اللغة هي التي اوصلته للعالمية لكن النجم احمد زكي يفوقه موهبة؟
– الثقافة تلعب دوراً وكذلك اللغة، لكن لا يُمكن ان نتغافل عن حضور عمر الشريف الأخآذ، وطبعاً احمد زكي كان نجماً موهوباً بكل المقاييس، لكن شكل عمر الشريف العربي الجميل بالاضافة الى ثقافته وحضوره اوصلاه للعالمية، وهو فعلاً برأيي لورانس العرب
*احببت محاولات خالد النبوي وعمرو واكد وغسان مسعود العالمية؟
-اكيد، لكن غسان مسعود جذبني اكثر بفيلم”مملكة السماء” بدور صلاح الدين الايوبي للمخرج ريدلي سكوت.
*احببته اكثر من احمد مظهر بفيلم”الناصر صلاح الدين” ليوسف شاهين؟
-احمد مظهر فناناً كبيراً وفارساً كونه كان ضابطاً بسلاح الفرسان والفيلم كان ملحمة رائعة وانتاجه ضخماً للراحلة آسيا داغر، لكني صدقت غسان مسعود بدور صلاح الدين كون العمل تناول حقبة معينة، كما كان غسان تلقائيا طوال احداث العمل مما اشعرني انه فعلاً هو صلاح الدين الذي حارب الصليبيين على مدار سنوات عدة، وبالتالي اظهر لنا الفيلم كيف انه في الشرق الاسلام والمسيحيين المشرقييّن حينذاك كانوا يداً بيد ضد الغريب، والصليبي كان يُحارب المسيحي المشرقي هذا ما قاله التاريخ .
حمل الصليب وقبله ووضعه عالياً فتجلت الحكمة وسماحة الاسلام.
*ولم يكن يوجد ارهاباً؟
-صحيح، وبان ذلك جلياً حين حمل غسان مسعود (الذي لعب دور صلاح الدين) في احد المشاهد الصليب عن الارض وقبله ووضعه عالياً هنا تجلت حكمة صلاح الدين وقيمة وسماحة الاسلام وكيف كان متطوراً بالحضارة، للأسف اليوم داعش والنصرة لا يمثلون الاسلام بل يشوهونه.
*مؤسس صحيفة”شارلي ايبدو” قال ان رئيس التحرير هو من اشعل الفتنة بالرسومات المسيئة للرسول(ص)؟
-انا ضد التطاول على الرموز الدينية اياً كانت وارفض الاسأة للنبي محمد(ص) وللسيد السسيح وكل الانبياء والرسل والمرسلين، الحرية لا تعني الشتم بالاديان والسخرية، وكان بأمكانهم ان يستهزأوا بداعش وجرائمها وارهابها.