حوار/ ابتسام غنيم(بيروت)
ندى عماد خليل صاحبة قلم انيق، سيناريست مُبدعة، رسخت مكانتها بالدراما العربية وفي المنصات، ناقدة حقيقية لا تجامل ولا تتزلف، تطرح موضوعات قيمة من خلال نصوصها بعيداً عن الابتذال والاسفاف، وهي في ” المتمرد” تناقش قضية مكتومي القيد وتناصر المرأة، معها في هذا الحوار تحدثت الكاتبة والاعلامية الصديقة عن تجربتها الدرامية الجديدة كما قالت رأيها بالماراتون الرمضاني.
*حدثينا عن المتمرد؟
-“المتمرد” يتناول قصة حياة شاب عاش بفقر مدقع، صار يتيماً منذ كان في الثالثة من عمره، حيث توفي اهله عقب انفجار، وعثر عليه رجل وسيدة وتبنياه وربياه، لكن لم يكن لديهما الامكانية لتسجيله بالدوائر الرسمية لاستخراج بطاقة هوية له، ويحصل ان يموت الرجل وتصبح السيدة(واسمها ابتسام) هي المسؤلة عنه، وبالتالي لم تستطع تسجيله بالمدرسة، فكان ان علمته على قدر ما استطاعت القراءة والكتابة بالبيت، واغدقت عليه حبها وحنانها فكانت الام العطوف عليه، الا انه بقي بلا هوية اي شخصاً مكتوم القيد، مما عرضه للتنمر والمضايقات، وعمل في مهن متواضعة مثل غسل السيارات، لانه كان شاباً طموحاً ويريد ان يبني حياته لا ان يعيش عالة على احد..
*لكن السيدة التي ربته الم تتعرض للاقاويل والشائعات؟
-بالتأكيد طالتها الالسن، لكنها ابقت الطفل عندها وربته الى ان صار شاباً.
*واُغرم بفتاة؟
-صحيح، وهي ابنة عائلة كبيرة، وتعرف كل ظروفه، ويقرران الهرب سوياً، لكن تعترضهما العقبات، ويموت والدها، وهنا تقرر والدتها ابعاها عن محيطها فتسافران الى تركيا، ويصبح وحيداً، فيركز على الرياضة التي طالما احبها وهي الملاكمة وتدخل الى حياته محامية تقف الى جانبه ليستخرج هوية له وليبرز مهارتهه في لعبة الملاكمة.. وتتوالى الاحداث..(وتتابع) علي ليو يقدم الدور ببساعة وبراعة وكأنه يُمثل منذ سنوات، هو نجم عراق ايدول، وغنى تيتر المسلسل بصوته، وايضاً الممثلة جمان كاظم عفوية جداً بتمثيلها ولبست الشخصية ببراعة، وهند نزار بدور المحامية رائعة الى ابعد حدود، واثير نجم في ثاني تجربة له معي، هو ممثل متلون للغاية، ففي العمل السابق كان تلميذاً متأنقاً اليوم يُجسد شخصية ابن الشارع ببراعة.
*هي التجربة الثالثة لك مع الدراما العراقية؟
-صحيح، الاولى كانت في مسلسل ” ام بديلة” وكان عراقياً لبنانياً، بعده ” بنات صالح” الذي لا زالت اصداء نجاحه بالشارع العراقي حتى الآن، واليوم سعيدة جداً بـ” المتمرد”، الذي لامست من خلاله مشاعر المشاهد والمجتمع العراقي، واريد ان اتوجه بالشكر الى السيد اوس الشرقي و “ام بي سي عراق” لثقتهم بقلمي والمخرج يزن ابو حمده الذي أوصل نصي برؤيته الاخراجية الرائعة، وايضاً للمشرف الفني سلام عرب على جهده الكبير الذي بذله ليخرج العمل بأسرع وقت ويلحق بالسباق الرمضاني بأبهى حلة.
*ببداية الحلقات اوصلت رسالة وهي ان الفقر والقهر لا يجب ان يكونا حائلاً في طموح مطلق انسان؟
-بالظبط اذ يجب ان يكونا حافزاً لانطلاقته نحو مستقبل جيد، وبالتالي ان يستخرج ما بداخله من مشاعر مكبوته ومواهباً وهوايات ويعمل على نفسه ليكون ذو مكانة في مجتمعه.
*ايضاً تطرقت لمعاناة مكتومي القيد اذ ليسوا ” ابناء حرام” كما يصفهم البعض؟
-صحيح، اغلب هؤلاء ليسوا لقطاء، اذ هم ايتام، و” ياما ناس ماتوا اهلن بالحروب والزلازل وصاروا بلا اهل ولا عيلة”.. ومع ذلك نجد ان بعض فئات المجتمع لا ترحمهم ويطلقون عليهم تسمية ” ولاد حرام” وهم ليسوا كذلك من الاساس، وفي المسلسل نجد الطفل كيف يتعرض للاهانات والتنمر والسخرية لانه بلا هوية تثبت جنسيته ونسبه، وهذا الامر ترك اثره السلبي على نفسيته وجعله يتمرد على واقعه عندما يكبر ويتحدى كل الظروف ليثبت نفسه وكيانه،(وتتابع) ايضاً سلطت الضؤ على قضية مهمة وهي مناصرة المرأة من خلال شخصية المحامية، وغمزنا على العنف الزوجي وكيف يقتل الزوج زوجته، واكدت من خلال المسلسل ان المسؤلية تقع على الاهل الذي من المفروض ان يكونوا هم الحماية والامان لبناتهم كي لا يتطاول الزوج عليهن، وكي لا تحني له رأسها ليقتها.
*لو حصلت حادثة القتيلة زينب التي قتلها زوجها بعشر رصاصات قبل عرض العمل، لقيل انك استوحيت هذه الجزئية من الواقعة؟
-ربما، لكن هذه الحادثة تحصل في مجتمعاتنا بكل زمان ومكان، وليست مربوطة بفئة من الناس، ولا بوطن عربي معين.. ما اريد قوله للاهل ” ما تربو بناتكن بالترهيب وتزرعوا بقلبن الخوف، لانو بيطلعو مكسورين، كونو انتو السند والحماية والقوة الهن”؟
*”المتمرد” يُحرض على الضعف والانكسار والسعي ومناصرة المرأة ودعم مكتومي القيد؟
-بالظبط، كل هذه الامور تصب بخانة واحدة، وهي اني ضد العنف والظلم والانكسار بالمطلق.
*اشتقت للدراما اللبنانية؟
-اكيد، لكني سعيدة جداً بأنتشاري عربياً، لا سيما وان اسمي بالمنصات والشاشات العربية صار محفوظاً.
*الا تفكرين بتقديم دراما عن الرسامين؟
-اكيد، والدي رحمه الله الرسام ملحم عماد مرة لم تهمه الشهرة ولا المال، ولم يلهث وراء البروزة، وانا ورثت هذا الامر عنه، لكن ببالي فكرة عن الرسامين والمسألة مجرد وقت وبحاجة للانتاج الجيد.
*راضية عن الانتاج في لبنان؟
-اكيد، يكفي اننا نخرج بدراما مُشرفة بظل الظروف التي نعاني منها، هذا بالاضافة الى ان الشركات المنتجة ليست مدعومة من الدول، والفن اللبناني برمته ليس مدعوماً من الدولة.
*الاعمال التي تشاهدينها؟
-“النار بالنار”، “كامل العدد”،”للموت3،” اخيراً،” خان الذهب”، ومسلسلس “المتمرد” ويوجد مسلسل سعودي “مهضوم كتير” ” سكة سفر” وانتظر عرض مسلسل منى زكي ” تحت الوصاية”، كما بدأت بمتابعة ” الزند”.
*بالترتيب اريد رأيك بالاعمال التي ذكرتها؟
-“النار بالنار” في المرتبة الاولى، لانه مرآة لواقعنا وعمل صادق ” مية بالمية”، وايضاً ” سكة سفر” له نكهة خاصة، وبعدها تأتي سائر الاعمال التي ذكرتها سواسية.
*”النار بالنار” رغم نجاحه الباهر قالوا انه يُحرض على تأجيج الفتن؟
-لانه عمل ناج، وكل ممثليه بغاية الرقي، جورج خباز خلع الثوب المسرحي ووقف امام الكاميرا بتمثيله السهل الممتنع، عابد فهد لوّن الشخصية بمهارة، طارق تميم الشخصية التي قدمها كانت اكتشافاً جديداً لموهبته المدفونة، كاريس بشار تعبت على الشخصية من خلال مشيتها ومفرداتها، لكن كنت اتمنى ان أرى وجهها بلا مكياج وشعرها غير مسرح .
*”للموت3″؟
-ندين جابر كاتبة من الطراز الرفيع ولها مني كل التهاني، النص اكثر من رائع، والاخراج فيه ابهار قوي، شهادتي بماغي ابو غصن مجروحة، ودانيللا رحمة اراى انها تُصلح لان تكون ممثلة عالمية، رندى كعدي تمثيلها يجعلنا في حالة من الانبهار، احمد الزين تاريخ عريق، كارول عبود اضفت لمسة ” مهضومة” على سياق الاحداث، روزي الخولي رائعة، اما علي منيمنة وفادي ابي سمرا فهما ممثلان حتى النخاع، وورد الخال تُرفع لها القبعة بشخصية ” كارما”.
*”وأخيراً” لم ينل استحسان المشاهد؟
— يوجد شيء ناقص بالعمل، ربما دخلت لعبة المونتاج، لكن قصي ونادين “كتير لذيذين” قدما مشاهداً رائعة سوياً، ومنى واصف مع كل اطلالة تؤكد لنا انها تاريخ يُدرس، وبرناديت حديب التمثيل هو ملعبها وبدور رئيسة العصابة جعلتنا نستشعر انها رغم قوتها لكنها تخاف من شيء، ما الى ان ظهر الرائع كميل سلامة وصفعه،ا وكان مشهداً مبهراً، اما وفاء طربية النجمة المخضرمة فلا أعرف كيف غابت مشاهدها لدى عودة المخطوفات، اذ لم نشاهد ردة فعلها في الحارة بفقدان ابنتها خيال.. والممثل سعيد سرحان لعب على شخصية النقيب بذكاء، اما غبريال يمين فبحضوره الآسر يتخطى الوصف تماماً مثل وفاء طربيه ومنى واصف.
*وماذا عن باقي الاعمال؟
-“كامل العدد” مسلسلاً جميلاً جداً وفيه بسمة راقية، وهو مأخوذ من فيلم ” عالم عيال عيال” لكن قُدم بأسلوب وحبكة جديدتين.
*ما تعليقك على الحملة ضد بطلة ” الكبير اوي” رحمة احمد؟
-هي حملة مخطط لها، رحمة ممثلة كوميدية متفردة بتمثيلها العفوي، ونجاحها للعام الثاني على التوالي ازعج ربما البعض من الذين يستخدمون جيوش السوشيل ميديا لضرب الناجحين بتعليقات ساخرة الهدف منها احباطهم والاساءة لجهودهم ونجاحهم.. للاسف اليوم كثر يستخدمون السوشيل ميديا لمآرب شريرة ومؤذية للغاية.