الجمعة , نوفمبر 22 2024

مصطفى العقاد دافع عن العروبة وميادة الحناوي تُقدر مصر وهكذا استقبلتني أُم الدنيا؟!

بقلم/ نداء عودة

هذه السطور ليست للمزايدة في حبّ مصر، وهي بالتأكيد ليست ردّاً على جملة تصريحات لإحدى المغنيات في مهرجان موسم الرياض أثناء إحيائها حفلاً قبل أيام، تتنكّر فيه لأفضال مصر وقبلاً بلدها  سوريا حين تقول ان للسعودية، فقط،أي حصراً، الفضل عليها وعلى تاريخها.. ومع التحفظ على تعبير” تاريخها” ، لأنّ التاريخ هو لفنانين عظماء تعيش أجيال على أعمالهم وسلوكهم ومواقفهم، وهؤلاء الكبار الذين يذكرهم التاريخ والحاضر، لم يقفوا مرة ليتبجّحوا بتاريخهم

هؤلاء أبناء سوريا الأصالة الحقيقية والبساطة التي تشبه المخرج العربي العالمي مصطفى العقاد الذي دافع عن عروبته وابرز الصورة الحقيقية المتنوّرة للإسلام حتى إستشهاده، وتشبه شجاعة ونضال اول صحافية عربية تصدر مطبوعة نسَوية هي ماري عجمي، وأطال الله في عمر عدد كبير لا يتسع ذكره من مبدعي سوريا من المخضرمين ومن الشباب..ومن هؤلاء سلطان الطرب جورج وسوف الوفي للبنان   حيث انطلق فنياً و لجمهوره العربي الكبير أمّا مصر وتراثها الموسيقي  والغنائي العظيم فقد أثّرا في ثقافته حتى برز في مساره الغنائي الذي ينتمي للمدرسة الغنائية المصرية.

 

ومن هؤلاء مطربة الجيل ميادة الحناوي السيدة التي تحفظ مصر وأفضالها وأفضال فنانيها عليها وتكنّ لمصر وأهلها الحبّ الصادق والمخلص.. لا تتسع السطور لعدد هائل من الفنانين اللبنانيين والسوريين والعرب الذين اختضنتهم مصر فكبروا بها وأخلصوا لها، فمن تكونين انت أيتها المغنية الصغيرة أمام إمكانيات وفنّ فايزة احمد او صباح، ومن أي منطلق أدخلت نفسك التاريخ حتى تتحدثين عن تاريخك الفني؟ فمهلاً، وقليل من التواضع أيتها المغنية التي تشتهر بمشاكلها اكثر مما تشتهر بأغنياتها.. مهلاً، ما هو تاريخك الذي تتحدثين عنه وتتبجّحين فيه؟ ولأنّ جنون العظمة قد ضرب رأس هذه المغنية التي حين انتقلت للعيش في مصر بدأت تتعلّم  التخفيف من الصراخ والزعيق أثناء الغناء، فلم تنجح إلى الحدّ المطلوب، من هنا  لا أجد ضرورة لذكر اسمها، إذ أن الهدف من هذه السطور  هو المبدأ وليس الشخص فهل يعقل ان نذكر  إلى جانب عظماء الفنّ العربي، مغنية تخلع حذاءها على المسرح وتقذفه في وجه الفرقة الموسيقية وفي وجه الجمهور دونما أدنى احترام؟ ثم تستفيض في الحديث عن منافع غنائها وهي حافية، حيث..

يصدر صوتها من أصابع قدميها؟ ولم يتوقف الاستهتار بالناس لهذا الحد وإنما أخرجت لسانها أمام الكاميرات في حركة صبيانية لا تمتّ للأخلاق بصلة، وليس كل ما يُعرف يقال عن الدسائس والمؤتمرات وتطاول المغنية الصغيرة على فنانين كبار شكلوا امجاداً في الفنّ لمجرّد عقدة نقصها  تجاههم وتجاههنّ.. وبالمبدأ، رحت اسأل نفسي، ما الذي ومن الذي جعل هذه النماذج المهترئة تصبح نجوماً و”تقود” شارعنا وجيلنا من الشباب، سوى الاهتراء العام على كافة المستويات ومنها الثقافة والفن والاعلام، ومؤكد ان الأزمات الكبيرة التي عصفت ولازالت تعصف بمنطقتنا العربية، قد تركت الساحة شبه فارغة أمام انصاف واشباه فنانين و إعلاميين ونجوم شاشة..نعود إلى مصر، كما نعود لكلّ بقعة حبيبة من وطننا العربي، فليس هناك فرق في الحب والإنتماء، وليس أحدنا بحاجة لحمل الجنسية المصرية حتى يُصاب بالغضب والاستفزاز من كلام المغنية، لقد استفزّني هذا الكلام وانا لست مصرية الجنسية، لكنني كعربية انتمي إلى مصر وأغار عليها

إنها مصر التي استقبلني أهلها وانا ناجية من الحرب في لبنان.. وكفكفوا دموعي وانزلوا حقائبي من الفندق واحتضنوني في ببوتهم، وانها مصر نفسها التي استقبلت جدّتي وجدّي مطلع القرن التاسع عشر هرباً من الفقر والحرب وطلباً للعلم والنجاح، إنها مصر التي لجأت اليها العذراء مريم وهي تهرب بطفلها المسيحية..من فلسطين حتى لا يُقتل، كانت مصر عبر التاريخ الحضن الحنون و الآمن لكلّ مقهور وكل يتيم وكلّ لاجيء وكل حالم يريد أن يحقق حلمهُ إنها مصر التي ارشدتني إلى عشق الأدب والموسيقى والسينما والشعر والتي تعيش في يومياتي انا والملايين  في ادب نجيب محفوظ وطه حسين والمنفلوطي ومحمد عبد الحليم عبدالله وشعر ابراهيم ناجي واحمد شوقي وعلي محمود طه، إنها مصر التي قدمت لي معارف الموسيقى من شيوخ النهضة العربية إلى سيد درويش ثم محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي ثم كمال الطويل وبليغ حمدي، وتراث عظيم من أعمال وأسماء لا تعد ولا تحصى..إنها مصر التي أغنت ثقافتنا بالإبداع المسرحي والسينمائي وأثرت مكتبتنا العربية بأهم المطبوعات والأبحاث والترجمات واحدثت أبرز حركة في الصحافة والنشر وتحرير المرأة

إنها مصر ام كلثوم

فمن تكونين انت أيتها المغنية الصغيرة؟

إنها مصر أعظم حضارة في التاريخ

إنها مصر العظيمة ام الدنيا وأم العروبة.

إنها مصر الامّ التي احتضنت منذ فجر تاريخها ثمانية وأربعين شعباً من حول العالم دون أن تئن او تتذمر.إنها مصر التي يعيش فيها ملايين العرب من عراقيين ويمنيين وسوريين ولبنانيين دون أن يشعروا باي تمييز وإنما محاطون بحبّ الشعب المصري الكريم والحنون. إنها مصر التي تقف لنا سنداً في وجه التطرّف والإرهاب والتفتّت وستبقى ملاذاً آمناً لنا وسنداً لكلّ عربي.. إنها مصر التي أفضلت علينا جميعاً ولم تطلب شكراً من احد. إنها مصر التي أفضلت علينا وعلى جدودنا من قبلنا.. فهي تعيش فينا حتى لو لم نعِش فيها.. فما همّ مصر العظيمة من نُكران بعضِ بعضِ العابرين؟

شاهد أيضاً

صاحب ” حلو الفن” فرنسوا حلو لامال فقيه:” يطلقون على انفسهم القاب، واغلب اصحاب المدونات لا علاقة لهم بالكتابة والصحافة”

“ما ارتهن ولا يوم لجهة معينة، أو استسلم , وساير الدارج، أسلوبو ماييشبه حدًا حتى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *