كتب/ زاهي حميّد
لم تكن ليلة الأمس في مسرح المدينة_بيروت عاديّة بالنسبة لكل من عرفَ أو من لم يعرفْ الفنّانة الفلسطينيّة الرّاحلة ريم بنّا. ريم الّتي ناضلت من خلال صوتها وفنّها ورحَلَتْ عن هذه الدّنيا في مارس 2018 بعد أن نال مرض السّرطان منها.
روان حلاوي الممثّلة الّلبنانيّة المحترفة تقمّصت شخصيّة ريم وكأنّها استحضرت روحها إلى مسرح المدينة في بيروت-تلك المدينة الّتي أحبّتها ريم وزارتها كثيراً في آخر سنوات عمرها، وقد بادلتها بيروت وأهلها الحبّ والتّقدير، وها هم اليوم يستذكرونها بعد أربع سنوات على رحيلها. فقد جسّدت دورها روان، الّتي تعرّفت إليها في آخر زيارة لها إلى بيروت، حينها إتفقتا على إنجاز المسرحيّة وعلى أن تمثّلها ريم شخصيّاً، لكنّ القدر شاء أن ترحل ريم وتترك التّسجيلات الّتي تسرد خلالها سيرة حياتها بعهدة روان التي حافظت على الأمانة، وأبدعت في نقلها لنا، وتعريفنا بأحداث وتفاصيل كنّا نجهلها عن الفنانة المناضلة ريم بنّا عبر مسرحيّتها “يا ليل ما أطولك”.
قدّمت روان حلاوي مسرحيّتها منفردةً، وسردت لنا تفاصيل عن طفولة ريم ونشأتها في النّاصرة وعن علاقتها بوالدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ، ووالدها الّذي لم يكن يحبّذ إحترافها الغناء، وعن حبّها للنضال والحرّيّة وكيف استخدمت صوتهة سلاحاً في وجه الإحتلال والظّلم…من ثمّ إصابتها بسرطان الثّدي وتعاملها مع المرض ومع أولادها.
كما شرحت لنا عن طلاقها بعد إنتفاضتها على زوجها الّذي كان يعنّفها في عزّ مرضها، ناهيك عن فقدانها المفاجئ القدرة على الغناء بسبب شلل في الوتر اليساري وقد أشارت إلى انّه بفعل فاعل؛ عبر دسّ مواد معيّنة في مشروبها في إحدى مقاهي أوروبا إلى أن فارقت الحياة عام 2018.
روان حلاوي نجحت في إيصال أمانة ريم بنّا إلى كلّ من شاهد مسرحية “يا ليل ما أطولك” فقد تقمّصت الدّور بحرفيّة وأتقنت الّلهجة الفلسطينيّة ببراعة طوال مدّة العرض حيث لم “تزلق” بكلمة لبنانيّة واحدة وأثبتت عن موهبة جدّية كبيرة في تقديم المسرح المنفرد الّذي يُعتبر الإمتحان الأصعب لأيّ ممثّل كبير وقد نجحت روان وتفوّقت وحبّذا لو نراها في أعمال مسرحيّة قادمة علّنا نشهد إعادة إحياء للمسرح في لبنان، هذا البلد المليئ بالطّاقات كروان حلاوي والكثير الّذين تنقصهم الفرص المناسبة ووجود الإنتاج والدّعم في ظلّ كلّ ما يواجه الوطن من أزمات وخيبات متتالية.
أخيراً لا بدّ من توجيه تحيّة إعجاب وتقدير لروان حلاوي الّتي اعدّت المسرحيّة ولعبتها وإلى الفنّان سليم الأعور (زوج روان) الّذي أخرج العمل وقريباً سننشر حواراً مطوّلاً مع روان حلاوي أجرته معها رئيسة التّحرير الزّميلة إبتسام غنيم.