الأربعاء , أكتوبر 30 2024

“أوضة سعاد” فسحة أمل في ظل الركود الفني.. نوال فاجأتنا ورالف بعيداً عن السطحية!!

كتب/ زاهي حميّد

لا شكّ أنّ المسرح في لبنان والحالة الفنّيّة الّلبنانيّة بشكلٍ عام تمرّ بمرحلة من الرّكود بسبب الأحوال الّتي وصلت إليها البلاد، فقليلة هي الإنتاجات الفنّيّة والعروض المسرحيّة  والإستعراضيّة وحتّى حفلات النّجوم الغنائيّة باتت شبه غائبة عن المشهد الّلبناني. مع سلبيّات الأوضاع الإقتصاديّة والسّياسيّة التي تحاول تدمير كلّ ما حلمنا به، يبقى هناك من أراد الإصرار على تحقيق الذّات والحلم، والمغامرة في سبيل ذلك متحدّياً الظّروف ومطلقاً العنان لأفكاره وقلمه وموهبته..
رالف س. معتوق الممثل الموهوب أراد تحدّي الظّروف  وإطلاق مسرحيّةٍ جديدة فألّف وكتب “أوضة سعاد” وأنتجها بنفسه وقد شاركه في هذا التّحدّي الممثّلة الكبيرة نوال كامل والمخرج الموهوب مازن سعد الدّين. المسرحيّة تقوم على شخصيّتين “جاد” الطّفل الّذي يعاني من التّوحّد و “سعاد” والدته الّتي تعمل في مشرحة المستشفى وتصطحبه معها لأن لا أحد لديه سواها… يصادف سعاد وابنها يوميّاً العديد من الجثث ولكلّ جثّة حكاية؛ فمنهم السياسي، ومنهم من مات شابّاً ومنهم من تعرفه سعاد معرفة شخصيّة إلى أن يصل الدّور إلى زوجها…ومن هنا تلقي المسرحيّة الضّوء على مختلف مشاكل المجتمع الّلبناني من الأمور العائلية البسيطة إلى المشاكل الإجتماعية والنفسية ونظرة المجتمع إلى من هو مختلف، إلى وعود السياسيين الكاذبة، وتتناولها بشكل جديد عبر التحدّث مع جثث الموتى.
نوال كامل من خلال “سعاد” نجحت في مداعبة مشاعرنا فجعلتنا نشعر بحزنها وضعفها وحنانها كما أشعرتنا أنّها قويّة وقاسية في أحد مشاهد المسرحيّة… هذا عدا عن بعد النفحات الكوميدية الّتي مرّرتها بشكل سلس ودون مبالغة؛ وقد فاجأتنا أيضاً بجمال صوتها حين دندنت بعض الأغنيات في المسرحيّة؛ فهي المخضرمة صاحبة المسيرة الطّويلة في عالم الدّراما والمسرح وإن تعاونها هذا مع جيل الشّباب خلق تمازجاً جميلاً ومطلوباً كنوع من التّجديد في شكل العمل ومضمونه بالنسبة لأيّ فنّان كبير، كما أنّ مشاركتها هو بمثابة دعم وثقل للعمل الفني.
نجما العمل نوال كامل ورالف معتوق والاعلامية ابتسام غنيم والاعلامي زاهي حميّد
رالف س. معتوق الفنان الموهوب الأكاديمي لم يفاجئنا بالمحتوى الّذي قدّمه من خلال مسرحية “أوضة سعاد”، فهو كاتب ومؤلّف موهوب سبق وقدّم مسرحيّة “غطة” منذ نحو ثلاث سنوات والجميل أنّ مواضيعه دائماً هادفة وأفكاره جديدة خارجة عن المألوف وهو فنّان يبشّر بمستقبل واعد، يسلك طريق الفنّ الحقيقيّ البعيد عن السّطحيّة، أمّا كممثّل فهو صاحب موهبة واضحة وأكاديميّ، وقد تابعناه بالعديد من المسلسلات الّلبنانيّة ودوره اليوم في مسرحيّته “أوضة سعاد” كشاب متوحّد من الأدوار الصّعبة التي تتطلّب جهداً كبيراً خاصةً على المسرح وبشكل مباشر أمام الجمهور حيث ليس هناك مجالاً للخطأ أو الشّرود ولو للحظة عن تفاصيل في الوجه والحركات والتفاعلات الخاصّة بحالات التّوحّد وقد نجح رالف في تأدية دوره الشّاقّ على أكمل وجه.
الاعلاميان هلا المر وزاهي حميّد مع النجمة نوال  كامل
لبنان مليء بالطّاقات الفنّيّة والمواهب الّتي تُبدع حين تُعطى الفرص و”أوضة سعاد” خير دليل على إرادة الفنّانين الّلبنانيّين وإصرارهم على تقديم الأعمال الجميلة ليبقى لبنان كما كان واجهةً للثّقافة والفنون. والمسرح تحديداً هو من أهم واجهات البلد الثّقافية الّتي لا يجب أن تغيب عن المشهد الفنّي العربيّ لما يمثّله من إنعكاسٍ لواقع المجتمع ولما يحدثه من تفاعل مباشر بين الممثّل والمتلقّي وبين المتلقّين أنفسهم،
ابتسام غنيم تتوسط هلا المر وجوزيف ابو جابر
  وأخيراً لا بدّ من توجيه تحيّة لأبطال العمل الكبيرة نوال كامل والممثّل الكاتب والمنتج رالف س. معتوق والمخرج الموهوب مازن سعد الدّين الّذين يستمرّون في عرض المسرحية من الثامن إلى  الخامس عشر من حزيران الحالي على مسرح بيريت في جامعة القديس يوسف في بيروت.

شاهد أيضاً

عفت وعصمت عبد الوهاب ماذا قالتا عن والدهما موسيقار الاجيال، وماذا عن سيرته بمسلسل ورأيه بهؤلاء؟!

حوار/ ابتسام غنيم(القاهرة) أحد أكبر مطربي مصر والعالم العربى ومبدعيهم في العصر الحديث، بل أنه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *