حوار/ ابتسام غنيم(القاهرة)
ملقب بخطيب الثورة المصرية، داعي إسلامي،اراءه جريئة ومنفتحة،مثقف وحسن المظهر،أجرى الكثير من المقابلات وتكلم عن رأيه في الإرهاب وايضا في الأعمال الدينية،أعطى للاسلام حقه بصورة حضارية وراقية، شن نشطاء جماعة الإخوان هجوما حادا عليه ووصفوه بـ”الرجل الذي فقد عقله”، وقام بتشكيل جبهة وطنية لحماية الأزهر والأوقاف..انه الداعية الإسلامي مظهر شاهين وكان لنا شرف اللقاء معه.
*من أين تُحب أن نبدأ حديثنا؟
-من النفطة التي تختارينها.
*”خطيب الثورة” هذا اللقب لازال يلازمك حتى اليوم هل ما زلت مُتمسكاً بهذا اللقب
-طبعاً
*لكن كثر عارضوك؟
-التطبيق لا يعني فساد النظرية، والهدف الذي خرج منه الملايين كان بهدف التغييّر السلمي، وهذا التاريخ كان له أسبابه وقتها، اذ أن نظام الرئيس السابق مبارك رحمه الله كان قد شاخ، وأفلس وقدم كل ما يستطيع أن يُقدمه، وأرتكب أخطاءً جسيمة جداً، منها انهيار التعليم في مصر، وكذلك الحياة السياسية كانت منهارة، والحزب الوطني كان مُسيطراً على زمام الأمور في الانتخابات الأخيرة، وكل ذلك يدل على فساد أواخر عهد الرئيس السابق مُبارك،( ويضيف) مبارك له وماعليه شأنه شأن كل البشر، ومن الطبيعي أن يكون قد حقق أنجازات طيلة 30 سنة، انا مثلاً حصلت على الابتدائية والاعدادية والثانوية والماجستير في عهد مبارك، لكن عندما أتكلم أُشير على الدولة والنظام الذي كان يحكم الدولة وأرتكب بعض الاخطاء، ومن هنا ارتأى الشباب أن التغييّر قد حان، اذ كان هناك تخوفات من التوريث التي لم تكن واضحة، وأعتقد انه كان بأمكان الرئيس مبارك الخروج لتوضيح الامور التي تُحدث البلبة في الشارع المصري، وعلى رأسها قضية التوريث، كل شيء كان مُعتماً عليه حينها.. ” لو خرج واتكلم كان حيكون في تأثير”،اذ كان يوجد مؤسسات تريد الاطمئنان على وضعها كون الدولة المصرية دولة مؤسسات، ويهمها الاستقرار، واذا كان يوجد نقطة تُهدد بهذا الاستقرار كان بالامكان دراستها ومناقشتها، مثل الخارجية المصرية، لذا لو وضح الامور حينها ربما اللبس كان قد زال عند البعض..
(ويضيف) لكن التعتيم ظل، الى أن حدث ما حدث في تونس، وصار الرأي العام يقول هل سيحصل بمصر كما حصل بتونس؟ الى أن تم تحديد يوم 25 يناير ونزل بعض الشباب وتعاملت معهم الشرطة بشكل أستُثمر اعلامياً بشكل أو بآخر لنزول عدد أكبر في جمعة الغضب، وكنت حينها في التحرير في مسجد عمر مكرم، وكان من الطبيعي أن يقصد بعض الشباب المسجد ويتعاملون معي كوني إمام المسجد الذي يصلون وينامون فيه، وفي غياب الشرطة والأمن حينها، كنت أتعامل بشكل شخصي حيث لم يكن يوجد رؤية لمساحة المستقبل، وكنت احافظ على المكان أي المسجد كي لا ينعكس الامر على بعض الشباب بالسلبية، وأعني أن البعض كان واعياً وآخرون قد لا يقدرون حُرمة المسجد، والتعامل بالحكمة جعل البعض يطلب مني القاء خطبة في 4 فبراير/ شباط، وكان يوجد الملايين وتكلمت عن تعديل الدستور وحل البرلمان و6 مطالب للثوار، ومن بعدها أتت الجمعة الثانية حيث خطبت في 11 فبراير/ شباط، ما يعني أني القيت خطبتان في عهد الرئيس مبارك ومن هنا خرج لقب ” خطيب الثورة” من الاعلام والصحافة، وأكرر انه سواء اتفقنا أو اختلفنا هذا هو التاريخ، (ويضيف) يوجد موقفاً قد تستغربينه وهو يوم موقعة الجمل وكنت في التحرير ووجدت حالة من الهرج والمرج، وسالت الدماء على أرض التحرير ولم يكن أحداً فاهماً لما يحصل، مصريون يتقاتلون مع مصريين مثلهم، وانت لا تعلم لمن ينتسب هذا ولمن ينتسب ذاك، لكن ما أعرفه أن كلاهما مصرياً، وبالتالي الوازع الديني الذي ينطلق من انسانيتي حين أرى مصرياً يتقاتل مع مصري مثله لأي سبب كان يجب أن يكون موقفي هو وقف القتال مهما كان الثمن، لذا كنت أقول لهم اذا كان رحيل مبارك ثمنه أن يتقاتل المصريون فعلينا أن نحفظ دماء المصريين وليبقى مبارك، وهذا الرأي لم يكن عليّ سوى أن أقوله كي لا أخسر نفسي كداعية، لأن الداعية هو من يقدم مصلحة الدين والوطن على أية مصلحة اخرى سياسية، فنا لم أكن ولا زلت لا أطمع بشيء ولا حتى بالمناصب، لذا قلت وقتها ” يا جماعة أحقنوا دمائكم حتى لو بقي مُبارك”.. وبعد بضعة ايام قيل أن مُبارك هو من أرسل الجمال الى التحرير وانا أشك في هذا الأمر، لانه بعد 11 سنة من الثورة لا بد أن الانسان علم بأمور كانت يجهلها، ورأى صوراً لم يكن قد رآها، يعني أرتفع عن المشهد بمساحة أكبر، وصار يرى المشاهد من كل جوانبها وزواياها، وأثق انه بعد عشر سنوات أخرى سنرى مشاهداً جديدة لما حصل حينذاك وتأتي الينا معلومات كنا نجلها، ومن هنا يأتي التغييّر بالرأي نتيجة أمور وتداعيات أضطلع عليها بوقت لاحق.. لذلك أقول اليوم الثورة اشبة بزلزال في كل الاوطان، هي كذلك، قد يتنبأ البعض بحدوث هذا الزالزال وقوته، لكن لا يستطيع احد من العلماء أن يعلم النتائج المُترتبة على هذا الزلزال وقت حدوثه، كم شخص سيموت؟ كيف سيصبح حال الشارع؟ من سيتأثر؟ والاسلم على الانسان أن يبتعد عن المناطق التي بها زلازلاً وهذا هو المنطق، فالاوطان كلما ابتعدت عن الزلزال كلما سلمت أكثر، لذا الثورات حتى لو كانت تُحقق بعض الاهداف السياسية أو تُغير الانظمة الا انه يترتب عليها كوارثاً كبيرة، كما حدث في يناير التي نجحت في خلع نظام مبارك، والغاء التوريث، لكن الأخوان أتوا من باب الثورة، ولو لم تقم ثورة 30 يونيو وبقي الاخوان لصارت مصر اليوم ملعباً للجماعات الارهابية، وساحة قتال وانقسامات داخلية، وأموراً كثيرة لا يعلمها الا الله، وبالتالي المصريون في مرحلة ما أفتقدوا الأمن والأمان والاستقرار والاستثمار وصاروا على شفير الانقسام والقتال، وحدثت أعمال ارهابية كثيرة أسفرت عن شهداء في الجيش والشرطة وشوائب بالشارع المصري ودماء سالت، وما كان أحد يتمنى أن نصل لما وصلنا اليه من سفك الدماء حتى في إعتصامات رابعة، لكن للأسف الاخوان هم من أوصلوا أنفسهم الى هذه المرحلة لانهم كانوا يريدون اما أن تسقط الدولة أو يعود محمد مرسي الى سدة الحكم، يعني وضعوا الدولة في خياريين كلاهما مر، وأصبح بقاء الدولة هو الاختيار الوحيد، والأهم الذي اختاره الشعب المصري..
*كان هناك دخلاء على الثورة؟
-نعم كان هناك متآمرون، وايضاً كان هناك من يعلم الى أين يذهب بالثورة لمطامع معينة، او لمصالح حزبية او اهداف قوى خارجية او وصول للفوضى، لكنهم كانوا قلة، لأن الملايين التي نزلت الى الشارع لم يكونوا كلهم متآمرون، وعلينا أن لا ننسى أن الجيش المصري هو من ساند الثورة المصرية والجيش لا يدعم الخونة لان هناك ثوار نبلاء يريدون التغيير بشكل محترم وهذا حق لهم.. واعتقد أن ثورة 30 يونيو كانت بمثابة تعديل المسار بعدما انحرفت الثورة في يناير، وبعدها أكتملت المنظومة بوجود الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر.
*لكن لا يُمكن أن ننسى الجملة التي قالها الرئيس مُبارك حينذاك في خطاب التنحي من انه ولد وعاش وفي مصر ويريد أن يُدفن في أرضها عندما يموت؟
-فعلاً كانت مؤثرة للغاية، والبعض يقول انه قالها قبل موقعة الجمل بيوم، وأن هناك من أراد أن يفسد الحالة العاطفية لدى البعض الذين تأثروا بكلام مُبارك حيث ان البعض ذهبوا الى منازلهم وآخرون كان متأرجحون، ومجموعة لم تتأثر.
*نعرضت للهجوم بسبب فيلم “هز وسط البلد” حدثني عن هذا الأمر؟
-حصل لغط لدى بعض الناس، اذ كنت في مكتب الاستاذ اسامة هيكل وهو رئيس مدينة الانتاج الاعلامي وهو صديق عزيز علي، والمدينة كانت مُشاركة بأنتاج الفيلم مع النجمة الهام شاهين، ويوم العرض الخاص للفيلم دعاني اسامة لحضور الفيلم، فأعتذرت لأن العنوان أوحي لي انه فيلماً راقصاً، لكن الاستاذ هيكل وضح لي الامر وأخبرني عن قصة الفيلم الذي يتطرق لعملية ارهابية تحصل في وسط البلد من خلال عدة أحداث متعلقة بأكثر من شخصية وفي نهاية الفيلم يحصل الانفجار الذي يهز البلد، والبعض حكم على الفيلم من دون أن يشاهده، والبعض قالوا ” ازاي الشيخ مظهر يحضر فيلم زي ده “، وبالفعل انا شاهدته وكان عملاً كئيباً ومهماً، لكن البعض كما أسلفت اعتقد انه فيلماً رقصاً واثار جدلاً حولي، مع العلم أن مضمونه يشير الى الارهاب.
*شاهدت مسلسل ” الاختيار” بجزئيه الاول والثاني؟
-“آه طبعاً، ودي أول مرة بشوف مسلسل من 30 حلقة”، العمل يتطرق لبطولات حقيقية، ومرحلة عشناها ومواقفاً كنا شركاء فيها، يعني مثلاً الضابط الشهيد محمد وحيد رحمه الله الذي أستشهد في عملية الواحات كان صديقاً لي من قبل الثورة، اذ كان حينها في جهاز أمن الدولة بمصر في مدينة نصر وكنت انا امام المسجد في مدينة نصر قبل أن انتقل لمسجد عمر مكرم، شاهدت بالمسلسل كيف استشهد وتأثرت كثيراً، كان خدوماً وطيباً ومحترماً، لذا هذا المسلسل اي ” الاختيار” يجعلك تشاهدين مرحلة من حياتك، (ويضيف) ” الاختيار”، لا يحكي بطولات فحسب بل يفضح مزاعم الاخوان والجهات الارهابية والنصوص القرآنية التي يعتمدونها وكيف يفسرون القرآن على مزاجهم وكيف أمير الجماعة يستحوذ على عقول الشباب ويغسل افكارهم بأدلة غير صحيحة، فينفذون العمليات بمفوم غلط واباحتهم لدماء الشرطة والجيش المصري، وانا كداعية اسلامي شدتني هذه الجزئية التي سلط المسلسل الضؤ عليها.
*هل شاهدت ” غرابيب سود”؟
-شاهدته، وايضاً سلط الضؤ على جهاد النكاح والسعي وراء الاموال، لكن ما يُميز “الاختيار” عنه أن يتطرق لحقبة حقيقية من تاريخ مصر، وفاضح لمزاعم الاهابين وكاشفاً لاهدافهم الخبيثة التي لا علاقة لها بالجهاد او الجنة او النار بل بالمطامع الدنيوية فقط.
*كثر هربوا الى تركيا بعد تولي الرئيس السيسي الحكم؟
-كنت أقول أن الاخوان مثل بني اسرائيل الذين نجاهم الله عز وجل مع موسى عليه السلام، وبعد أن نجاهم لم يفعلوا شيئاً سوى أنهم عبدوا العجل بدلاً من أن يعبدوا الله، وكان حكم الله عليهم أن يتوهوا في الأرض 40 سنة.. والاخوان حين قامت الثورة ومكنهم الله، بدلاً من أن يتقوا الله في شعب مصر وأن يعاملوهم بالحُسنى وأن يُظهروا محبة وكرم الاسلام في اخلاقهم، تصرفوا عكس ذلك تماماً، فكانت طاعة المُرشد مُقدمة على طاعة الله ورسوله، ومصلحة الجماعة مُقدمة على مصلحة مصر، وصارت الوظائف حكراً على جماعة الاخوان، ونقضوا العهد وكثرت التكفيرات، فكان أن تاهوا بالارض ومنهم من غادر الى قطر والبعض في لندن ومجموعة اخرى في تركيا.
*ايضاً مسلسل ” القاصرات” كان صفعة لمن حلل زواج الفتاة القاصر علماً أن الازهر الشريف أصدر فتوى من أن السيدة عائشة لم تتزوج وهي ابنة 9 سنوات كما يُقال؟
-الفتوى يجب أن تكون من الطبيب والمجتمع وليس الشيخ، اين المجتمع الذي يوافق ان تتزوج ابنته وهي طفلة في التسع سنوات من عمرها؟ وانا هنا اتكلم عن المجتمع القوي والسليم، وبالنسبة للسيدة عائشة ام المؤمنين موضوعها يحتاج لبحث ودراسة لاني قرأت من انها لم تكن بهذا السن عندما تزوجت الرسول عليه افضل الصلاة والسلام، والمسلم العادي يتأفف من زواج القاصر فكيف بسيدنا مُحمد رسول الله الذي سيرفض ألف مرة هذا الام،رلانه اكثرنا نخوة وشهامة ورجولة واحتراماً للدين وللانسان، ومن يزعم هذا القول هدفه أهانة الرسول عليه افضل الصلاة والسلام.
*بعد مسلسل ” امام الدعاة” عن حياة الشيخ متولي لم نعد نرى اعمالاً على غراره؟
-طبعاً نحن بحاجة ماسة لمثل تلك الاعمال، ولكن أين الداعية الذي يُشبه الشيخ الشعراوي كي يتم تقديم عملاً عنه؟ من توفيق الرب للشيخ الشعراوي انه مات قبل ان تقوم الثورة، لو كان حياً حينها لما سلم شخصه ولا علمه لما حصل بعد الثورة، وأقصد من المُدعين الذين يهاجمون من خلال السوشيل ميديا، لذا ربنا عز وجل صان كرامته وأختار له التوقيت الصحيح ليفسر لنا كتاب الله عز وجل ثم يرحل قبل هذا الهرج الذي نعيشه.
*شاهدت مسلسل عمر ابن الخطاب؟
-شاهدته، وشاهدت ايضاً ” يوسف الصديق” وكان عملاً جميلاً وكم اتمنى أن يوافق الازهر على تقديم أعمالاً عن الانبياء شرط أن تكون مكتوبة بشكل سليم من دون ان يذم بأحد.
*الازهر الشريف لا زال يمنع فيلم ” الرسالة” بسبب ظهور شخصية حمزة عم الرسول عليه الصلاة والسلام؟
-صحيح وانا احترم رأيه، لكني اتمنى أن يُعيد النظر بهذا الامر.. وسوألي بعد مسلسل “يوسف الصديق” هل صدق المجتمع ان الممثل هو فعلاً يوسف الصديق؟ المجتمع صار بحالة نضوج فني ويعرف كيف يُفرق بين الحقيقة والدراما .
*ماذا عن مسلسل “المسيح” الذي كان له نهايتان مختلفتان؟
-جميل أن نعرض في النهاية ما يقوله الاسلام وبالتالي ماذا يقول المسيحيون، لزاماً على صُناع العمل طرح وجهتي النظر، وكل حر في عقيدته.. ايماننا مشروطاً بأن نؤمن بملائكته بكتابه ورسله واليوم الآخر وعلينا أن نؤمن بجميع الانبياء واذا انكرنا نبياً واحداً ما صح ايماننا ، وان لا نفرق بينهم.. ونحن نحتفل بمولد سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام، وايضاً بمولد سيدنا المسيح عليه السلام، ونحترم الكنائس كما المساجد، والسيدة العذراء مريم ام المسيح وضعها الرب بأعلى مرتبة وهي الوحيدة التي لها سورة كاملة بأسمها في القرآن الكريم.
*اليوم يوجد عمل عن ” مسار العائلة المقدسة”؟
-عملاً جميلاً يتطرق للسيدة العذراء مريم وطفلها عيسى المسيح عليه السلام ويوسف النجار، ويحكي عن هروبهم من بيت لحم الى مصر هرباً من البطش بهم.