حوار/ ابتسام غنيم
عبد الجواد السويلم الذى أطلق عليه فيما بعد لقب “الشهيد الحي” دفع معظم أجزاء جسده مقابل سحق إسرائيل وتحقيق النصر فى حرب أكتوبر.. انه بطل من أبطال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر، ولم تكن بطولة الشهيد الحى فى إصابته فقط أثناء حرب الاستنزاف، بل تكمن فى إصراره على مواصلة الاشتراك فى الحرب بعد إصابته بعجز كلي ليصبح الجندي الوحيد بالعالم الذي حارب ونسبة عجزه مئة بالمئة.. في منزلة بالاسماعيلية في قرية ابو صوير كان لقائي معه هناك وسط اسرته، حيث تربطني به صداقة وطيدة وعميقة، وبمناسبة اقتراب انتصارات 6 اكتوبر كان لا بد من تسجيل حوار معه لاسيما وان والرئيس عبد الفتاح السيسي كرمه مؤخراً وقبل رأسه.
*نبارك لك تكريمك من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؟
-” الله يبارك فيكي”، اجمل تكريم بالنسبة لي كان من الصاعقة الذي اعتبره هو اغلى هدية حصلت عليها، خصوصاً اني انا من طلبت ان انتقل للصاعقة بعدما كنت في الحرس الجمهوري وذلك في عهد الزعيم جمال عبد الناصر حيث كنت فرز أول، (اذ كانوا ينتقوا الشباب الاقوياء) لكن عيني حينها كانت على الصاعقة، واخي الغير شقيق هو من توسط لي ان ادخل اليها، علماً ان الانخراط بها امر شديد الخطورة حيث التعب والجهد والتدريب المستمر على كل الصعاب، ومع ذلك دخلت اليها برغبتي وكنت سعيداً جداً، (ويتابع) بالعودة الى تكريمي من الرئيس عبد الفتاح السيسي، صودف اني كنت حينها في الاسكندرية في ندوة، واطل ببرنامج على القناة الخامسة، وطلبوني وقالوا لي ان رئيس الجمهورية سيكرمني من ضمن ابطال اكتوبر، ويومها ارسلوا لي سيارة الى الاسماعيلية (ويتابع) ذهبت من الاسكندرية الساعة الاربعة فجراً وقالوا لي انهم سيتابعوني لحظة بلحظة الى ان اصل الى الاسماعيلية وبالفعل حجزت في محطة مصر الى قريتي ابو صوير، اتيت بيتي واقليت السيارة التي كانت في انتظاري وذهبنا وكان هناك في انتظاري 14 من اللواءات والدعوة لم تكن بحوزتي، فأصروا على رؤية دعوة التكريم فقلت لهم ان زميلا لهم اتصل بي وهو من ابلغني بتكريمي من الرئيس، وبعد قليل احضروا الدعوة والمفاجأة ان اسمي كان مكتوباً بالغلط، فوقعنا في مشكلة اخرى، واجروا اتصالاتهم الى ان احضروا الدعوة الاصلية وبها اسمي بالكامل.. وحصل التكريم وما ان تقدمت من الرئيس الى ان اديت له التحية العسكرية وفوجئت به يحتضنني ويقبل رأسي، ويقول لي ويقول لي انه يتابعني من زمان واني استحق هذا التكريم لاني بطل، وتمنيت عليه بعض الامور التي تتعلق بجيشنا المصري الباسل .
*انت البطل الوحيد الذي استمر بالحرب رغم اصابتك البالغة؟
-صحيح، طلبت حينها الاستمرار بكتيبة الصاعقة خلال حرب الاستنزاف وكذلك في حرب 6 اكتوبر..عشت سنوات وانا احلم بأمرين اثنين هما تحرير ارض مصر واستردادها والحصول على الشهادة، لكن الله عز وجل اراد لي الحياة كي اروي لاجيال عن عظمة مصر وجيشها وقيادته.
*حرب الاستنزاف كانت مريرة بعد هزيمة 1967؟
-كانت فترة صعبة على جميع المصريين لا سيما المقاتلين، وكان العدو خلال تلك الفترة يظن ومعه الكثير من دول العالم أن مصر بعد هذه الحرب لن يقوم لها قومه وأنها قد ماتت، وتناسوا تاريخ مصر منذ هجوم الهكسوس، وقتها فعليًا كانت الخسائر كبيرة، وخاصة في سلاح الطيران والذي يعد الغطاء الأهم في أي حرب عسكرية، كنت وقتها موجود ضمن صفوف الجيش على أرض سيناء، ولم نحارب، لم تكن حربا، ولكن نستطيع القول إن مصر قد مالت في هذه الفترة وشعبها عدلها مرة أخرى، عندما قدم الزعيم جمال عبد الناصر استقالته إلى الشعب المصري معلنا مسؤوليته عن الهزيمة، ليرد الشعب عن بكرة أبيه “مش هنسيبك”، أمر بعدها ناصر بإعادة بناء الجيش المصري مرة أخرى وخاصة الصاعقة”.. (ويتابع) كنت على خط القنال مجندا في كتيبة الصاعقة، تعبنا كثيرًا لأجل هذا الوطن، أتذكر وقتها في حرب الاستنزاف ضربت طائرات العدو مخازن الوقود والذخيرة والماء والمأكل وكان اختبار قاسي وصعب بل مرير، واضطرينا أن نسير على الأقدام مسافة 180 كيلومتر، اتينا مشي من قلب صحراء سيناء إلى الضفة الغربية للإسماعيلية، 3 أيام دون ماء ولا طعام سيرًا على الأقدام، و رغم مرارة التجربة كانت القادة تلقى بأوامر مشددة على حسن التعامل مع أسير الحرب، لا ضرب، لا إهانة، مأكل ومشرب، وهي تعليمات استمدت من أوامر الله عز وجل، في المقابل عدونا كافر وفاجر كان يأخذ الأسرى منا ويضعهم على الأسفلت وتمر عليهم الدبابات، وكان يحفر لهم في صحراء سيناء ويدفنونهم أحياء”.
*حصدت عدة القاب منها البطل الشهيد الحي البطل الذي غنى له عبد الحليم “فدائي”؟
-صحيح ذلك لاني بعد الاصابة البالغة وهي بتر الساقين واقتلاع عيني وبتر يدي اليمنى والاصابة البالغة في ظهري، ومع ذلك اصريت على تركيب اطراف اصطناعية والعودة الى الجبهه وكنت المحارب الوحيد الذى خاض حربًا ميدانيًا لاني اقسمت بالله العلى العظيم “مش همشي من هنا إلا سيناء وهي متحررة أو أكون شهيداً”.
*اجمل لحظات حياتك؟
-كانت عندما رصدني الصاروخ الاسرائيلي كان أملي في الله أني أكون شهيد ولما ضربني صاروخ لقيت رجلي الاتنين مبتورين ودراعي و”عيني اليمين انطفت”،وحمدت الله وقتها وتوقعت استشهادي على أرض سيناء الحبيبة.
*قبل الاصابة ما هي العمليات التي اجريتها ضد العدو؟
-اشتركت في 18 عملية عبور خلف خطوط العدو وتمكنت من تدمير 16 دبابة و11 مدرعة و2 بلدوزر وعربة جيب وأتوبيس يحمل جنود اسرائيلين.. كما شاركت رفاقي في تدمير 6 طائرات إسرائيلية خلال هجومهم على مطار المليز.
*وماذا عن التكريمات السابقة؟
– تكرمت من الرئيس جمال عبد الناصر حيث منحه نوط الشجاعة العسكري، كما كرمني الرئيس محمد أنور السادات، والرئيس محمد حسني مبارك في الاحتفالات باليوبيل الفضي لانتصارات أكتوبر فقد كُرمت الصاعقة ممثلة في شخصي، كما اني المجند الوحيد الذى تم استدعائي للاحتفال باليوبيل الفضي لنصر أكتوبر عام 1998 والحصول على ميدالية مقاتلي أكتوبر، حيث اختارتني القوات المسلحة ممثلا عن مليون و200 ألف جندياً وهو عدد جنود القوات المسلحة في حرب أكتوبر .
*كلمة لأبناء الشعب المصري ؟
-خلوا بالكم دلوقتي العدو بتاعنا مقدروش علينا بالمدفع وفلسوا من ناحية المدفع وبيحاربونا دلوقتي بالإشاعات والأكاذيب والفتن، وبقول لكل واحد مصري خلي بالك أحنا دفعنا التمن غالي جدا أرواح ودماء عشان نحافظ على الوطن ودلوقتي بيحاربونا بالتليفون اللي في ايدك، والتليفون ده شيطان وأبليس في أيدك ومش كل كلمة تشوفها تصدقها والعراق وسوريا واليمن وليبيا راحوا بالإشاعات”.